وقوله ـ عزوجل ـ : (كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ).
عن عبادته والقيام بشكره قبلكم ، وأصل الإفك : الصرف ؛ كقوله : (أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا) [الأحقاف : ٢٢] أي : لتصرفنا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً).
يذكرهم عظم نعمه عليهم حيث جعل لهم الأرض بحيث يقرون عليها ويتعيشون ، والسماء بناء عليهم حيث لا تسقط عليهم ، وجعل منافع بعضها متصلة بمنافع البعض على بعد ما بينهما ؛ ليعلم أن ذلك كله صنع واحد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) ، يحتمل وجهين :
أحدهما : قوله : (فَأَحْسَنَ) أي : أحكم وأتقن في الدلالة على معرفة وحدانية الله تعالى وربوبيته ، على ما أظهر في كل شيء من الدلالة على وحدانيته وربوبيته.
والثاني : قوله : (فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) ، أي : حسن تركيبها منتصبا قامتها غير منكبة كسائر الصور التي خلقها منكبة على وجهها.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ).
قال بعض أهل التأويل : أي : رزقكم من الحلال ، لكن الأشبه : أي : رزقكم من أطيب ما أخرج من الأرض ؛ لأن الله تعالى أخرج من الأرض نباتا مختلفا جعل أطيبه وألينه رزقا للبشر ، وسائره رزقا للدواب.
(ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ).
ذلك الذي صنع بكم هذا هو ربكم ، لا الأصنام التي تعبدونها.
(فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ).
وقوله ـ عزوجل ـ : (هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ).
قال أهل التأويل : (الْحَيُ) : الذي لا يموت أبدا ، لكن هذا مما يعرفه كل أحد ، وأصل الحي هو النهاية والغاية في الثناء عليه والمدح ، لا كل شيء يبلغ في الانتفاع به غايته يسمى : حيّا ، نحو الأرض والأشجار وكل شيء يبلغ في الانتفاع به ، والله أعلم.
وقوله : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ).
هو المعبود في لسان العرب ، ويسمى العرب كل معبود : إلها ، كأنه يقول : لا إله ولا معبود يستحق العبادة إلا هو (١).
__________________
(١) ثبت في حاشية أ : إله ، بمعنى : معبود. م.