الآية تخرج على الوجوه التي ذكرنا.
وقوله : (وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ...) الآية.
سألوه أيضا إدخال هؤلاء في ذلك الوعد أيضا على ما ذكرنا.
وقوله : (وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ).
هذا يحتمل أنهم سألوا أن يقيهم في الآخرة أمورا تسوؤهم من الأهوال والأفزاع ، وغير ذلك من العذاب.
ويحتمل في الدنيا أمر الشرك وغيره ؛ يدل عليه قوله : (وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ) أي : ومن تق السيئات في الدنيا ، فقد رحمته يومئذ (وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ ...) الآية.
ذكر أن أهل النار إذا دخلوا النار وعاينوا ما أنكروا من البعث والعذاب ، فجعل كل إنسان منهم يمقت نفسه ، ويلومها ، فينادون : لمقت الله إياكم أكبر مما أوجب عليكم من اللعن ، والنقمة أكبر مما تمقتون به أنفسكم وأشد ؛ هذا وجه ، [ووجه] آخر : جائز أن يقال لهم : إن الواجب عليكم أن تروا مقت الله إياكم وقت ارتكابكم العصيان وعند تعاطيكم ما تعاطيتم أكبر وأشد من مقتكم العذاب ودخولكم النار ؛ لأنكم إن رأيتم مقت الله إياكم عند ارتكابكم ما ارتكبتم أنه ينزل بكم ، لزجركم ومنعكم عن ارتكاب ذلك وتعاطيه ، وحملكم على إيثار ما دعيتم إليه. من التوحيد لله تعالى والإيمان به ، والله تعالى أعلم.
وعلى هذين التأويلين يرجع تأويل قوله : (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) [العنكبوت : ٤٥].
أحدهما : أن ذكر الله إياكم بالرحمة والمغفرة أكبر وأعظم من ذكركم إياه ، وصلواتكم وعبادتكم له.
والثاني : أن ذكر نفس نهي الله تعالى إياكم عن المعاصي وقت ارتكابها أكبر ـ في الرهبة عنها والمنع ـ من الصلاة نفسها ، إن كانت الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) ؛ لما أن الصلاة فيها أعمال تشغل عن ذكر النهي ، والله أعلم.
ثم قوله تعالى : (مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ).
يحتمل وجهين :
أحدهما : أي : مقت بعضكم بعضا كقوله : (يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) [العنكبوت : ٢٥].
ويحتمل ذلك كقوله : (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى) أي : يمقت كل إنسان نفسه ؛ لما كان