تعالى : غافر الذّنب فضلا ، وقابل التّوب وعدا ، شديد العقاب عدلا ، لا إله إلّا هو إليه المصير فردا ، وقال ابن عبّاس : الطّول : السّعة ، والغنى (١) ، وتقلب الذين كفروا في البلاد : عبارة عن تمتّعهم بالمساكن والمزارع والأسفار وغير ذلك ، (وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ) أي : ليهلكوه ، كما قال تعالى : (فَأَخَذْتُهُمْ) ، والعرب تقول للقتيل : أخذ ، وللأسير كذلك ؛ قال قتادة : (لِيَأْخُذُوهُ) معناه : ليقتلوه (٢) ، و (لِيُدْحِضُوا) معناه ليزلقوا ويذهبوا ، والمدحضة : المزلّة ، والمزلقة.
وقوله : (فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) : تعجيب وتعظيم ، وليس باستفهام عن كيفيّة وقوع الأمر.
(وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ (٦) الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (٧) رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(٨) وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)(٩)
وقوله سبحانه : «وكذلك حقّت كلمات ربك على الذين كفروا» الآية ، في مصحف ابن مسعود «وكذلك سبقت كلمة ربّك» (٣) والمعنى : وكما أخذت أولئك المذكورين فأهلكتهم ، فكذلك حقّت كلماتي على جميع الكفّار ، من تقدّم منهم ومن تأخّر أنّهم أصحاب النار.
وقوله تعالى : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ...) الآية ، أخبر الله سبحانه بخبر يتضمّن تشريف المؤمنين ، ويعظّم الرجاء لهم ، وهو أنّ الملائكة الحاملين للعرش والذين / حول العرش ؛ وهؤلاء أفضل الملائكة يستغفرون للمؤمنين ، ويسألون الله لهم الرحمة والجنّة ؛ وهذا معنى قوله تعالى في غير هذه الآية ، (كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلاً) [الفرقان : ١٦] أي سألته الملائكة ، قال* ع (٤) * : وفسّر
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٣٩) برقم : (٣٠٢٧١) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٩٠) ، وابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٥٤٦) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٧٠) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٦٤٥) ، وعزاه لابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في «الأسماء والصفات».
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٤٠) برقم : (٣٠٢٧٧) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٩١) عن ابن عبّاس ، وابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٥٤٧) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٦٤٦) ، وعزاه لعبد الرزاق ، وعبد بن حميد عن قتادة.
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٥٤٧) ، و «البحر المحيط» (٧ / ٤٣٢)
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥٤٧)