ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ (٤٩) قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (٥٠) إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ (٥١) يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٥٢) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ (٥٣) هُدىً وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٥٤) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ (٥٥) إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(٥٦)
وقوله تعالى : (وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ ...) الآية ، قد تقدّم ذكر الخلاف ، هل هذه المقالات لموسى أو لمؤمن آل فرعون ، والدعاء إلى النجاة هو الدعاء إلى سببها ؛ وهو توحيد الله تعالى وطاعته ، وباقي الآية بيّن.
وقوله : (أَنَّما تَدْعُونَنِي) المعنى : وإنّ الذي تدعونني إليه من عبادة غير الله ليس له دعوة ، أي : قدر وحق يجب أن يدعى أحد إليه ثم توعّدهم بأنّهم سيذكرون قوله عند حلول / العذاب بهم ، والضمير في (فَوَقاهُ) يحتمل أن يعود على موسى ، أو على مؤمن آل فرعون ؛ على ما تقدّم من الخلاف.
وقال القائلون بأنه مؤمن آل فرعون : إن ذلك المؤمن نجا مع موسى* ع* في البحر ، وفرّ في جملة من فرّ معه من المتّبعين.
وقوله تعالى في آل فرعون : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا ...) الآية ، قوله : (النَّارُ) رفع على البدل من قوله : (سُوءُ) وقيل رفع بالابتداء ، وخبره (يُعْرَضُونَ) قالت فرقة : هذا الغدوّ والعشيّ هو في الدنيا ، أي : في كلّ غدوّ وعشيّ من أيام الدنيا يعرض آل فرعون على النار ، قال القرطبيّ في «التذكرة» (١) : وهذا هو عذاب القبر في البرزخ ، انتهى ؛ وكذا قال الإمام الفخر (٢) ، وروي في ذلك أنّ أرواحهم في أجواف طير سود تروح بهم وتغدو إلى النار ؛ وقاله الأوزاعيّ (٣) ـ عافانا الله من عذابه ـ ، وخرّج البخاريّ ومسلم عن
__________________
(١) ينظر : «التذكرة» (١ / ١٩١)
(٢) ينظر : «تفسير الرازي» (٢٧ / ٦٤)
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٦) برقم : (٣٠٣٧٠) عن الأوزاعي ، وبرقم : (٣٠٣٦٨) عن الهذيل بن شرحبيل (٣٠٣٦٩) عن السدي ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٩٩) ، وابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٥٦٢) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٨٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٦٥٩) ، وعزاه لابن أبي شيبة ، وهناد ، وعبد بن حميد عن هذيل بن شرحبيل ، ولعبد بن حميد عن الضحاك ، ولعبد الرزاق ، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود.