و (الْمُبْطِلُونَ) : الداخلون في الباطل.
وقوله سبحانه : (وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً) هذا وصف حال القيامة وهولها ، والأمّة : الجماعة العظيمة من الناس ، وقال مجاهد (١) : الأمّة : الواحد من الناس ؛ قال* ع (٢) * : وهذا قلق في اللغة ، وإن قيل في إبراهيم «أمّة» وفي قسّ بن ساعدة ، فذلك تجوّز على جهة التشريف والتشبيه ، و (جاثِيَةً) معناه : على الركب ؛ قاله مجاهد وغيره (٣) ، وهي هيئة المذنب الخائف ، وقال سليمان : في القيامة ساعة قدر عشر سنين ، يخرّ الجميع فيها جثاة على الركب.
وقوله : (كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا) قالت فرقة : معناه : إلى كتابها المنزّل عليها ، فتحاكم إليه ، هل وافقته أو خالفته؟ وقالت فرقة : أراد إلى كتابها الذي كتبته الحفظة على كل واحد من الأمّة.
وقوله سبحانه : (هذا كِتابُنا) يحتمل أن تكون الإشارة إلى الكتب المنزّلة ، أو إلى اللوح المحفوظ أو إلى كتب الحفظة ؛ وقال ابن قتيبة : إلى القرآن.
وقوله سبحانه : (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) قال الحسن : هو كتب الحفظة على بني آدم (٤) ، وروى ابن عبّاس وغيره حديثا ؛ أنّ الله تعالى يأمر / بعرض أعمال العباد كلّ يوم خميس ، فينقل من الصحف الّتي كانت ترفع الحفظة ـ كلّ ما هو معدّ أن يكون عليه ثواب أو عقاب ، ويلغى الباقي ؛ فهذا هو النسخ من أصل.
(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (٣٠) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ (٣١) وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (٣٢) وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)(٣٣)
وقوله عزوجل : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ) أي : في جنّته.
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٥ / ٨٨)
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٨٨)
(٣) أخرجه الطبري (١١ / ٢٦٥) برقم : (٣١٢١٣) عن مجاهد ، (٣١٢١٤) عن ابن زيد ، وذكره ابن عطية (٥ / ٨٨) ، وابن كثير (٤ / ١٥٢)
(٤) ذكره البغوي (٤ / ١٦١) آية رقم : (٢٩) ، وابن عطية (٥ / ٨٩)