المتجسّسون؟ واختلفت الروايات أيضا عن ابن مسعود وغيره في هذا الباب.
والتحرير في هذا أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم جاءه نفر من الجنّ دون أن يشعر بهم ، وهم المتجسّسون المتفرّقون من أجل رجم الشهب الذي حلّ (١) بهم ، وهؤلاء هم المراد بقوله تعالى : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ ...) [الجن : ١] الآية ، ثم بعد ذلك وفد عليه وفدهم ؛ حسبما ورد في ذلك من الآثار (٢).
وقوله : (نَفَراً) يقتضي أنّ المصروفين كانوا رجالا لا أنثى فيهم ، والنفر والرهط هم : القوم الذين لا أنثى فيهم.
وقوله تعالى : (فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا) فيه تأدّب مع العلم ، وتعليم كيف يتعلّم (فَلَمَّا قُضِيَ) أي : فرغ من تلاوة القرآن واستماع الجن ، قال جابر بن عبد الله وغيره : إنّ النبي صلىاللهعليهوسلم لمّا قرأ عليهم سورة «الرحمن» فكان إذا قال : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) [الرحمن : ١٣] قالوا : لا بشيء من آلائك نكذّب ، ربّنا لك الحمد ، ولمّا ولّت هذه الجملة تفرّقت / على البلاد منذرة للجنّ ، وقولهم : (إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً) يعنون : القرآن.
* ت* : وقولهم : (مِنْ بَعْدِ مُوسى) يحتمل أنّهم لم يعلموا بعيسى ؛ قاله ابن عبّاس (٣) ، أو أنّهم على دين اليهود ، قاله عطاء (٤) ؛ نقل هذا الثعلبيّ ، ويحتمل ما تقدّم ذكره
__________________
(١) أخرجه البخاري (٨ / ٥٣٧ ـ ٥٣٨) كتاب «التفسير» باب : سورة (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَ) (٤٩٢١) ، ومسلم (٢ / ٤٠٣) ـ النووي ، كتاب «الصلاة» باب : الجهر بالقراءة في الصبح (١٤٩ ، ٤٤٩) ، والترمذي (٥ / ٤٢٦) كتاب «تفسير القرآن» باب : ومن سورة الجن (٣٣٢٣) ، وأحمد (١ / ٢٥٢)
(٢) أخرجها البخاري (٧ / ٢٠٨) كتاب «مناقب الأنصار» باب : ذكر الجن ، وقول الله تعالى : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ) (٣٨٦٠).
وعن عامر أنه سأل علقمة : «هل كان ابن مسعود شهد مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلة الجن؟ ...» الحديث. أخرجه مسلم (٢ / ٤٠٤) ـ النووي ، كتاب «الصلاة» باب : الجهر بالقراءة في الصبح (١٥٠ / ٤٥٠) ، وأبو داود (١ / ٦٩) كتاب «الطهارة» باب : الوضوء بالنبيذ (٨٥) نحوه ، والترمذي (١ / ٢٩) كتاب «الطهارة» باب : ما جاء في كراهية ما يستنجى به (١٨) نحوه ، (٥ / ٣٨٢) كتاب «تفسير القرآن» باب : ومن سورة الأحقاف (٣٢٥٨) نحوه.
وروي من حديث ابن عبّاس : أخرجه مسلم (٢ / ٤٠٥) ـ النووي ، كتاب «الصلاة» باب : الجهر بالقراءة في الصبح (١٥١ / ٤٥٠) ، وأخرجه أحمد (١ / ٣٩٨) ، وابن ماجه (١ / ١٣٥) ، كتاب «الطهارة وسننها» باب : الوضوء بالنبيذ (٣٨٤) نحوه ، وأبو داود (١ / ٦٩) كتاب «الطهارة» باب : الوضوء بالنبيذ (٨٤) مختصرا نحوه.
(٣) ذكره ابن عطية (٥ / ١٠٦)
(٤) ذكره ابن عطية (٥ / ١٠٥)