المدائنيّ ، / انتهى.
وقوله تعالى في المؤمنين : (وَأَصْلَحَ بالَهُمْ) قال قتادة : معناه : حالهم (١) ، وقال ابن عبّاس : شأنهم (٢).
وتحرير التفسير في اللفظة أنّها بمعنى الفكر والموضع الذي فيه نظر الإنسان ، وهو القلب ، فإذا صلح ذلك منه ، فقد صلح حاله ، فكأنّ اللفظة مشيرة إلى صلاح عقيدتهم ، وغير ذلك من الحال تابع ، فقولك : خطر في بالي كذا ، وقولك : أصلح الله بالك : المراد بهما واحد ؛ ذكره المبرّد ، والبال : مصدر كالحال والشأن ، ولا يستعمل منه فعل ، وكذلك عرفه لا يثنّى ولا يجمع ، وقد جاء مجموعا شاذّا في قولهم : «بآلات».
و (الْباطِلَ) هنا : الشيطان ، وكلّ ما يأمر به ؛ قاله مجاهد (٣) ، و (الْحَقَ) هنا : الشرع ومحمّد* ع*.
وقوله : (كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ) : الإشارة إلى الأتباع المذكورين من الفريقين.
(فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (٤) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ (٥) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ (٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ (٧) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (٨) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ)(٩)
وقوله سبحانه : (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ ...) الآية : قال أكثر العلماء : إنّ هذه الآية وآية السّيف ، وهي قوله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة : ٥] محكمتان ، فقوله هنا : (فَضَرْبَ الرِّقابِ) بمثابة قوله هنالك : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ، وصرّح هنا بذكر المنّ والفداء ، ولم يصرّح به هنالك ، فهذه مبيّنة لتلك ، وهذا هو القول القويّ ، وقوله : (فَضَرْبَ الرِّقابِ) مصدر بمعنى
__________________
(١) أخرجه الطبري (١١ / ٣٠٥) برقم : (٣١٣٣٧ ـ ٣١٣٣٨) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١٠٩) ، وابن كثير (٤ / ١٧٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٩) ، وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٢) أخرجه الطبري (١١ / ٣٠٤) برقم : (٣١٣٣٥) بمعناه ، (٣١٣٣٦) عن مجاهد ، وذكره ابن عطية (٥ / ١٠٩) ، وابن كثير (٤ / ١٧٢)
(٣) أخرجه الطبري (١١ / ٣٠٥) برقم : (٣١٣٤٠) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١١٠) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٠) ، وعزاه إلى عبد بن حميد.