لو كان الدّين في الثّريّا لناله رجال من أهل فارس» (١).
__________________
ـ وقد تقدم ضعف سعيد : وللحديث شاهد أيضا من حديث ابن عبّاس : أخرجه تمام في فوائده كما في «اللآلئ» (٢ / ٩٣) ، وفيه محمّد بن زكريا الغلابي.
قال الدارقطني : يضع الحديث.
ينظر : «تنزيه الشريعة» (١ / ١٠٥).
والحديث : ذكره السيوطي في «الجامع الصغير» (٤ / ١٣٨) ـ فيض ، برقم : (٤٨٠٤) ، من حديث أبي هريرة ، وجابر ، وعائشة ، ورمز له بالضعف ، ووافقه المناوي في «شرحه» وقال المناوي في «الفيض» (٤ / ١٣٨ ـ ١٣٩) : (السخي قريب من الله) أي : من رحمته وثوابه ، فليس المراد قرب المسافة ، تعالى الله عنه ، إذ لا يحل الجهات ، ولا ينزل الأماكن ، ولا تكتنفه الأقطار ، (قريب من الناس) أي : من محبتهم فالمراد : قرب المودة ، (قريب من الجنة) لسعيه فيما يدنيه منها ، وسلوكه طريقها ، فالمراد هنا قرب المسافة ، وذلك جائز عليها ؛ لأنها مخلوقة ، وقربه منها : برفع الحجاب بينه وبينها ، وبعده عنها :
كثرة الحجب ، فإذا قلّت الحجب بينك وبين الشيء. قلت مسافته ، أنشد بعضهم :
يقولون لي دار الأحبة قد دنت |
|
وأنت كئيب إن ذا لعجيب |
فقلت وما تغني ديار قريبة |
|
إذا لم يكن بين القلوب قريب |
والجنة والنار محجوبتان عن الخلق بما حفتا به من المكاره والشهوات ، وطريق هتك هذه الحجب مبينة في مثل : «الإحياء» ، و «القوت» من كتب القوم ، (بعيد من النار والبخيل بعيد من الله) أي : من رحمته ، (بعيد من الناس بعيد من الجنة قريب من النار) ، وقال الغزالي : والبخل ثمرة الرغبة في الدنيا ، والسخاء ثمرة الزهد والثناء على الثمرة ثناء على المثمر لا محالة ، والسخاء : ينشأ من حقيقة التوحيد والتوكل والثقة بوعد الله وضمانه للرزق ، وهذه أغصان شجرة التوحيد التي أشار إليها الحديث ، والبخل : ينشأ من الشرك وهو الوقوف مع الأسباب والشك في الوعد ، قال الطيبي : التعريف في السخي والبخيل للعهد الذهني وهو ما عرف شرعا أن السخي من هو والبخيل من هو ، وذلك أن من أدى الزكاة فقد امتثل أمر الله ، وعظمه ، وأظهر الشفقة على خلقه ، وواساهم بماله ، فهو قريب من الله وقريب من الناس ، فلا تكون منزلته إلا الجنة ، ومن لم يكن كذلك فبالعكس ؛ ولذلك كان جاهل سخي أحب إلى الله من عابد بخيل ، كما قال : (ولجاهل سخي أحب إلى الله من عابد بخيل) فخولف ليفيد أن الجاهل غير العابد السخي أحب إلى الله من العابد العالم البخيل ، فيالها من حسنة غطت على عيبين عظيمين ، ويا لها من سيئة حطت حسنتين خطيرتين ، على أن الجاهل السخي سريع الانقياد بما يؤمر به من نحو تعلم ، وإلى ما ينهى عنه بخلاف العالم البخيل ، (تنبيه) قال الراغب : من شرف السخاء والجود ، أن الله قرن اسمه بالإيمان ، ووصف أهله بالفلاح ، والفلاح أجمع لسعادة الدارين ، وحق للجود أن يقترن بالإيمان ، فلا شيء أخص منه به ولا أشد مجانسة له فمن صفة المؤمن : انشراح الصدر (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) ، وهما من صفة الجواد والبخيل لأن الجواد يوصف بسعة الصدر والبخيل بضيقه ا ه.
(١) أخرجه البخاري (٨ / ٥١٠) كتاب «التفسير» باب : قوله : (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ) (٤٨٩٧) ، ومسلم (٤ / ١٩٧٢) ، كتاب «فضائل الصحابة» باب : فضل فارس (٢٣٠ ـ ٢٣١ / ٢٥٤٦) ، وأحمد (٢ / ٣٠٩)