ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (٦) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً)(٧)
وقوله سبحانه : (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ...) الآية ، روي في معنى هذه الآية أنّه لمّا نزلت : (وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) [الأحقاف : ٩] تكلّم فيها أهل الكفر ، وقالوا : كيف نتّبع من لا يعرف ما يفعل به وبالناس؟! فبيّن الله في هذه السورة ما يفعل به بقوله : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) فلمّا سمعها المؤمنون قالوا : هنيئا لك يا رسول الله ، لقد بيّن الله لك ما يفعل بك ، فما يفعل بنا؟ فنزلت : (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ) إلى قوله : (مَصِيراً) فعرّفه الله ما يفعل به وبالمؤمنين وبالكافرين ، وذكر النقاش أنّ رجلا من «عكّ» قال : هذا الذي لرسول الله ، فما لنا؟ فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «هي لي ولامّتي كهاتين ، وجمع بين إصبعيه».
وقوله : (وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) هو من ترتيب الجمل في السرد ، لا ترتيب وقوع معانيها ؛ لأنّ تكفير السيئات قبل إدخالهم الجنة.
وقوله : (الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ) قيل : معناه : من قولهم : (لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ ...) [الفتح : ١٢] الآية ، وقيل : هو كونهم يعتقدون الله بغير صفاته العلى.
وقوله : (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) [أي : دائرة السوء] (١) الذي أرادوه بكم في ظنّهم السوء ، ويقال للأقدار والحوادث التي هي في طيّ الزمان : دائرة ، / لأنّها تدور بدوران الزمان.
(إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٨) لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)(٩)
وقوله سبحانه : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً ...) الآية ، من جعل الشاهد محصّل الشهادة من يوم يحصلها ، فقوله : (شاهِداً) حال واقعة ، ومن جعل الشاهد مؤدّي الشهادة فهي حال مستقبلة ، وهي التي يسميها النحاة المقدّرة ، والمعنى : شاهدا على الناس بأعمالهم ، وأقوالهم حين بلّغت ، (وَمُبَشِّراً) : أهل الطاعة برحمة الله ، (وَنَذِيراً) : من عذاب الله أهل المعصية ، ومعنى (تُعَزِّرُوهُ) تعظموه وتكبروه ؛ قاله ابن عبّاس (٢) ، وقرأ ابن عبّاس
__________________
(١) سقط في : د.
(٢) أخرجه الطبري (١١ / ٣٣٧) برقم : (٣١٤٦٨) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١٢٩)