وغيره : تعزّزوه بزاءين من العزّة (١) ، قال الجمهور : الضمير في (تُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) للنبيّ صلىاللهعليهوسلم وفي (تُسَبِّحُوهُ) لله عزوجل ، والبكرة : الغدوّ ، والأصيل : العشيّ.
(إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)(١٠)
وقوله سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ) : يريد في بيعة الرضوان ، وهي بيعة الشجرة ، حين أخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم الأهبة لقتال قريش ، لما بلغه قتل عثمان بن عفان ، رسوله إليهم ، وذلك قبل أن ينصرف من الحديبيّة ، وكان في ألف وأربعمائة ، وبايعهم صلىاللهعليهوسلم على الصبر المتناهي في قتال العدوّ إلى أقصى الجهد حتى قال سلمة بن الأكوع وغيره : بايعنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الموت (٢) ، وقال عبد الله بن عمر ، وجابر بن عبد الله : بايعنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم على ألّا نفرّ (٣) ، والمبايعة في هذه الآية مفاعلة من البيع ؛ لأنّ الله تعالى اشترى منهم أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنة ، ومعنى (إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) أنّ صفقتهم إنما يمضيها ويمنح / الثمن الله تعالى.
* ت* : وهذا تفسير لا يمسّ الآية ، ولا بدّ ، وقال الثعلبيّ : «إنما يبايعون الله» أي : أخذك البيعة عليهم عقد الله عليهم ، انتهى ، وهذا تفسير حسن.
وقوله تعالى : (يَدُ اللهِ) قال جمهور المتأولين : اليد بمعنى النعمة ، إذ نعمة الله في نفس هذه المبايعة لما يستقبل من محاسنها «فوق أيديهم» : التي مدّوها لبيعتك ، وقيل : المعنى : قوّة الله فوق قواهم في نصرك.
* ت* : وقال الثعلبيّ : «يد الله فوق أيديهم» أي : بالوفاء والعهد ، وقيل : بالثواب ، وقيل : «يد الله» : في المنّة عليهم «فوق أيديهم» : في الطاعة عند المبايعة ، وهذا حسن قريب من الأول.
وقوله تعالى : (فَمَنْ نَكَثَ) أي : فمن نقض هذا العهد ، فإنما يجني على نفسه ومن
__________________
(١) وقرأ بها محمّد بن السميفع اليماني.
ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ١٢٩) ، و «البحر المحيط» (٨ / ٩٢). وقال السمين : وقرأ الجحدري «تعززوه» كالعامة إلا أنه بزاءين من العزة. «الدر المصون» (٦ / ١٦٠)
(٢) أخرجه الطبري (١١ / ٣٤٨) برقم : (٣١٥٢٠) عن عمرو بن الأشج.
(٣) أخرجه الطبري (١١ / ٣٤٩) برقم : (٣١٥٢٧) عن قتادة ، وذكره ابن كثير (٤ / ١٨٦) عن جابر بن عبد الله.