الأمر لهؤلاء الحاضرين (١).
* ت* : وعبارة البخاريّ «فنقّبوا» : ضربوا (٢) ، وقال الداوديّ : وعن أبي عبيدة (فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ) : طافوا ، وتباعدوا ، انتهى.
وقوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ) يعني : إهلاك من مضى (لَذِكْرى) أي : تذكرة ، والقلب عبارة عن العقل ؛ إذ هو محلّه ، والمعنى : لمن كان له قلب واع ينتفع به ، وقال الشبليّ : معناه : قلب حاضر مع الله ، لا يغفل عنه طرفة عين.
وقوله تعالى : (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) معناه : صرف سمعه إلى هذه الأنباء الواعظة ، وأثبته في سماعها (وَهُوَ شَهِيدٌ) قال بعض المتأولين : معناه : وهو مشاهد مقبل على الأمر ، غير معرض ولا مفكّر في غير ما يسمع.
* ت* : ولفظ البخاريّ (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ) أي : لا يحدث نفسه بغيره (شَهِيدٌ) أي : شاهد بالقلب ، انتهى ، قال المحاسبيّ في «رعايته» : وقد أحببت أن أحضّك على حسن الاستماع ؛ لتدرك به الفهم عن الله عزوجل في كلّ ما دعاك إليه ؛ فإنّه تعالى أخبرنا في كتابه أنّ من استمع كما يحبّ الله تعالى ويرضى ، كان له فيما يستمع إليه ذكرى ، يعني : اتعاظا ، وإذا سمّى الله عزوجل لأحد من خلقه شيئا فهو له كما سمّى ، وهو واصل إليه كما أخبر ؛ قال عزوجل : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) قال مجاهد (٣) : شاهد القلب ، لا يحدّث نفسه بشيء ليس بغائب القلب ، فمن استمع إلى كتاب الله عزوجل ، أو إلى حكمة ، أو إلى علم ، أو إلى عظة ، لا يحدّث نفسه بشيء غير ما يستمع إليه ، قد أشهد قلبه ما استمع إليه ، يريد الله ـ عزوجل به ـ : كان له فيه ذكرى ؛ لأنّ الله تعالى قال ذلك ، فهو كما قال عزوجل ، انتهى كلام المحاسبيّ ، وهو درّ نفيس ، فحصّله ، واعمل به ترشد ، وقد وجدناه ، كما قال ، وبالله التوفيق.
__________________
(١) وقرأ بها أبو العالية ، ويحيى بن يعمر ، ونصر بن سيار.
ينظر : «المحتسب» (٢ / ٢٨٥) ، و «المحرر الوجيز» (٥ / ١٦٧) ، و «البحر المحيط» (٨ / ١٢٧) ، وزاد نسبتها إلى أبي حيوة ، والأصمعي عن أبي عمرو. وهي في «الدر المصون» (٦ / ١٨١)
(٢) ينظر : «صحيح البخاري» (٨ / ٤٥٨) ، تفسير سورة (ق)
(٣) أخرجه الطبري (١١ / ٤٣٣) برقم : (٣١٩٥٢) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٢٩) ، وعزاه للفريابي ، وابن جرير.