وقوله : (وَتَرَكْنا فِيها) أي : في القرية ، وهي سدوم (آيَةً) ، قال أبو حيان (١) : (وَفِي مُوسى) ، أي : وفي قصة موسى ، [انتهى].
وقوله سبحانه في فرعون : (فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ) أي : أعرض عن أمر الله ، وركنه : هو سلطانه وجنده وشدّة أمره ، وقول فرعون في موسى : (ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) هو تقسيم ، ظنّ أنّ موسى لا بدّ أن يكون أحد هذين القسمين ، وقال أبو عبيدة : «أو» هنا بمعنى الواو ، وهذا ضعيف لا داعية إليه في هذا الموضع.
وقوله : (ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ) أي : ما تدع من شيء أتت عليه ممّا أذن لها في إهلاكه (إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) : وهو الفاني المتقطّع ؛ يبسا أو قدما من الأشجار / والورق والعظام ، وروي في حديث : أنّ تلك الريح كانت تهبّ على الناس فيهم العاديّ وغيره ، فتنتزع العاديّ من بين الناس وتذهب به.
وقوله سبحانه : (وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا) أي : إذ قيل لهم في أول بعث صالح ، وهذا قول الحسن (٢) ، ويحتمل : إذ قيل لهم بعد عقر الناقة : تمتعوا في داركم ثلاثة أيّام ؛ وهو قول الفرّاء(٣).
وقوله : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ) أي : يبصرون بعيونهم ، وهذا قول الطبريّ ، ويحتمل أن يريد وهم ينتظرون في تلك الأيّام الثلاثة ، وهذا قول مجاهد (٤).
(فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ (٤٥) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (٤٦) وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧) وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ)(٤٨)
(فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ) أي : من مصارعهم ؛ قاله بعض المفسرين ، وقال قتادة وغيره (٥) : معناه من قيام بالأمر النازل بهم ولا دفعه عنهم.
(وَقَوْمَ نُوحٍ) بالنصب ، وهو عطف إمّا على الضمير في قوله : (فَأَخَذَتْهُمُ) ، إذ هو بمنزلة أهلكتهم ، وإمّا على الضمير في قوله : (فَنَبَذْناهُمْ).
__________________
(١) ينظر : «البحر المحيط» (٨ / ١٣٩)
(٢) ذكره ابن عطية (٥ / ١٨٠)
(٣) ينظر : المصدر السابق.
(٤) أخرجه الطبري (١١ / ٤٧٠) برقم : (٣٢٢٤٠) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١٨٠)
(٥) أخرجه الطبري (١١ / ٤٧١) برقم : (٣٢٢٤٢) ، وذكره البغوي (٤ / ٢٣٤) ، وابن عطية (٥ / ١٨١)