وقوله : (وَالسَّماءَ) نصب بإضمار فعل تقديره : وبنينا السماء بنيناها ، والأيد : القوة ؛ قاله ابن عبّاس وغيره (١) (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) أي : في بناء السماء ، أي : جعلناها واسعة ؛ قاله ابن زيد(٢).
أبو البقاء : (فَنِعْمَ الْماهِدُونَ) أي : نحن ، فحذف المخصوص. انتهى.
(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٤٩) فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥١) كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ (٥٣) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ (٥٤) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (٥٥)
وقوله سبحانه : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ) قال مجاهد : معناه : أنّ هذه إشارة إلى المتضادات والمتقابلات من الأشياء ؛ كالليل والنهار ، والشقاوة والسعادة ، والهدى والضلال ، والسماء والأرض ، والسواد والبياض ، والصحّة والمرض ، والإيمان والكفر ، ونحو هذا ، ورجّحه الطبريّ (٣) بأنّه أدلّ على القدرة التي توجد الضدين ، وقال ابن زيد وغيره (٤) : هي إشارة إلى الأنثى والذكر من كلّ حيوان.
* ت* : والأوّل أحسن ؛ لشموله لما ذكره ابن / زيد.
وقوله سبحانه : (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ ...) الآية أمر بالدخول في الإيمان وطاعة الرحمن ، ونبّه بلفظ الفرار على أنّ وراء الناس عقابا وعذابا» يفرّ منه ، فجمعت لفظة «فروا» بين التحذير والاستدعاء.
* ت* : وأسند أبو بكر ، أحمد بن الحسين البيهقيّ في «دلائل النبوّة» (تصنيفه) عن كثير بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جدّه «أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان في المسجد ، فسمع كلاما من زاويته ، وإذا هو بقائل يقول : اللهمّ ، أعني على ما ينجيني ممّا خوّفتني ، فقال
__________________
(١) أخرجه الطبري (١١ / ٤٧٢) برقم : (٣٢٢٤٥) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١٨١) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٢٣٧) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٤٠) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في «الأسماء والصفات».
(٢) أخرجه الطبري (١١ / ٤٧٢) برقم : (٣٢٢٥١) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١٨١)
(٣) أخرجه الطبري (١١ / ٤٧٢) برقم : (٣٢٢٥٢) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١٨١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٤٠) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر.
(٤) أخرجه الطبري (١١ / ٤٧٣) برقم : (٣٢٢٥٤) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١٨١)