رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين سمع ذلك : ألا تضمّ إليها أختها؟ فقال الرجل : اللهمّ ، ارزقني شوق الصادقين إلى ما شوّقتهم إليه» وفيه : «فذهبوا ينظرون ، فإذا هو الخضر* ع*» ، انتهى مختصرا (١).
وقوله تعالى : (كَذلِكَ) أي : سيرة الأمم كذلك ؛ قال عياض : فهذه الآية ونظائرها تسلية للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، عزّاه الله ـ عزوجل ـ بما أخبر به عن الأمم السالفة ومقالها لأنبيائها ، وأنّه ليس أوّل من لقي ذلك ، انتهى من «الشفا».
وقوله سبحانه : (أَتَواصَوْا بِهِ) توقيف وتعجيب من توارد نفوس الكفرة في تكذيب الأنبياء على تفرّق أزمانهم ، أي : لم يتواصوا ، لكنّهم فعلوا فعلا كأنّه فعل من تواصى ، والعلّة في ذلك أنّ جميعهم طاغ ، والطاغي المستعلي في الأرض ، المفسد.
وقوله تعالى : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) أي : عن الحرص المفرط عليهم ، وذهاب النفس حسرات ، ولست بملوم ؛ إذ قد بلّغت (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى) : نافعة للمؤمنين ، ولمن قضي له أن يكون منهم.
(وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (٥٦) ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (٥٨) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ (٥٩) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ)(٦٠)
وقوله سبحانه : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) قال ابن عبّاس وعليّ (٢) : المعنى : ما خلقت الجن والإنس إلّا لآمرهم بعبادتي ، وليقرّوا لي بالعبوديّة ، وقال زيد بن أسلم (٣) وسفيان : هذا خاصّ ، والمراد : ما خلقت الطائعين من الجن والإنس إلّا لعبادتي ، ويؤيّد هذا التأويل أنّ ابن عبّاس روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم : أنّه قرأ : «وما خلقت الجنّ والإنس من المؤمنين إلّا ليعبدون» ، وقال ابن عبّاس أيضا (٤) : معنى (لِيَعْبُدُونِ) : ليتذللوا لي ولقدرتي ، وإن لم يكن ذلك على قوانين شرع ، وعلى هذا التأويل فجميعهم من مؤمن
__________________
(١) أخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» (٥ / ٤٢٣) ، وابن الجوزي في «الموضوعات» (١ / ١٩٣ ، ١٩٥)
(٢) ذكره ابن عطية (٥ / ١٨٣) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٢٣٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه الطبري (١١ / ٤٧٥) برقم (٣٢٢٦٣) (٣٢٢٦٥) ، وذكره البغوي (٤ / ٢٣٥) ، وابن عطية (٥ / ١٨٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٤٢) وعزاه لابن جرير وابن المنذر.
(٤) أخرجه الطبري (١١ / ٤٧٦) برقم (٣٢٢٦٨) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١٨٣)