وكافر متذلّل لله عزوجل ؛ ألا تراهم عند القحوط والأمراض وغير ذلك كيف يخضعون لله ويتذللون؟!.
* ت* : قال الفخر (١) : فإن قيل : ما العبادة التي خلق الله الجن والإنس لها؟ قلنا : التعظيم لأمر الله ، والشفقة على خلق الله ؛ فإنّ هذين النوعين لم يخل شرع منهما ، وأمّا خصوص العبادات فالشرائع مختلفة فيها : بالوضع والهيئة ، والقلّة والكثرة ، والزّمان والمكان ، والشرائط والأركان ، انتهى ، ونقل الثعلبيّ وغيره (٢) عن مجاهد : (إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) أي : ليعرفوني ، قال صاحب «الكلم الفارقية» : المعرفة بالله تملأ القلب مهابة ومخافة ، والعين عبرة وعبرة وحياء وخجلة ، والصدر خشوعا وحرمة ، والجوارح استكانة وذلّة وطاعة وخدمة ، واللسان ذكرا وحمدا ، والسمع إصغاء وتفهّما ، والخواطر في مواقف المناجاة خمودا ، والوساوس اضمحلالا ، انتهى.
وقوله سبحانه : (ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ) أي : أن يرزقوا أنفسهم ولا غيرهم.
وقوله : (أَنْ يُطْعِمُونِ) أي : أن يطعموا خلقي ؛ قاله ابن عبّاس (٣) ، ويحتمل أن يريد : / أن ينفعوني ، و (الْمَتِينُ) : الشديد.
* ت* : وروّينا في «كتاب التّرمذيّ» عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ الله عزوجل يقول : يا بن آدم ، تفرّغ لعبادتي أملأ صدرك غنى ، وأسدّ فقرك ، وإلّا تفعل ملأت يدك شغلا ، ولم أسدّ فقرك» ، قال أبو عيسى : هذا حديث حسن ، وروّينا فيه عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من كانت الآخرة همّه ، جعل الله غناه في قلبه ، وجمع له شمله ، وأتته الدّنيا وهي راغمة ، ومن كانت الدّنيا همّه ، جعل الله فقره بين عينيه ، وفرّق عليه شمله ، ولم يأته من الدّنيا إلّا ما قدّر له» (٤) انتهى.
وقوله سبحانه : (فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) : يريد أهل مكّة ، والذّنوب : الحظّ والنصيب ،
__________________
(١) ينظر : «تفسير الرازي» (١٤ / ٢٠٠)
(٢) ذكره البغوي (٤ / ٢٣٥)
(٣) أخرجه الطبري (١١ / ٤٧٦) برقم : (٣٢٢٦٩) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١٨٣)
(٤) أخرجه الترمذي (٤ / ٦٤٢ ـ ٦٤٣) كتاب «صفة القيامة» باب : (٣٠) (٢٤٦٦) ، وابن ماجه (٢ / ١٣٧٦) كتاب «الزهد» باب : الهم بالدنيا (٤١٠٧) ، وأحمد (٢ / ٣٥٨).
قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب.