الحشر ، وهو الشام ؛ وذلك أنّ أكثرهم جاء إلى الشام ، وقد روي أنّ حشر القيامة هو إلى بلاد الشام.
وقوله سبحانه : (ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا) : يريد لمنعتهم وكثرة عددهم.
وقوله تعالى : (يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ) أي : كلّما هدم المسلمون من تحصينهم في القتال هدموا هم من البيوت ؛ ليجبروا الحصن.
* ت* : والحاصل أنّهم يخربون بيوتهم حسّا ومعنى ؛ أمّا حسّا فواضح ، وأمّا معنى فبسوء رأيهم وعاقبة ما أضمروا من خيانتهم وغدرهم ، (وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ) : من الوطن (لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا) : بالسبي والقتل ، قال البخاريّ : والجلاء : الإخراج من أرض إلى أرض ، انتهى.
(ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ (٥) وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ)(٧)
وقوله تعالى : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ...) الآية سببها قول اليهود : ما هذا الإفساد يا محمّد وأنت تنهى عن الفساد؟! فردّ الله عليهم بهذه الآية ، قال ابن عبّاس وجماعة من اللغويين (١) : اللّينة من النخيل : ما لم يكن عجوة ، وقيل غير هذا.
ـ ص ـ : أصل «لينة» : لونة ، فقلبوا الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ، وجمعه لين ؛ كتمرة وتمر ، قال الأخفش : واللينة كأنّها لون من النخل ، أي : ضرب منه ، انتهى.
وقوله عزوجل : (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ ...) الآية ، إعلام بأنّ ما أخذ لبني النضير ومن فدك ، هو خاصّ بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وليس على حكم الغنيمة التي يوجف عليها ويقاتل فيها ؛ بل على حكم خمس الغنائم ؛ وذلك أنّ بني النضير لم يوجف عليها ولا قوتلت كبير قتال ، فأخذ منها صلىاللهعليهوسلم قوت عياله ، وقسم سائرها في المهاجرين ، وأدخل معهم أبا دجانة وسهل بن حنيف / من الأنصار ؛ لأنّهما شكيا فقرا ، والإيجاف : سرعة السير ، والوجيف دون التقريب ؛ يقال : وجف الفرس وأوجفه الراكب.
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٣٢) ، برقم : (٣٣٨٤٣) ، وذكره البغوي (٤ / ٣١٦) ، وابن عطية (٥ / ٢٨٥)