أن يريد محمّدا صلىاللهعليهوسلم لأنه تقدّم ذكره ، * ت* : والأول أظهر.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ(١١) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)(١٢)
وقوله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ ...) الآية : ندب وحضّ على الجهاد بهذه التجارة التي بيّنها سبحانه ، وهي أن يبذل المرء نفسه وماله ، ويأخذ ثمنا جنة الخلد ، وقرأ ابن عامر (١) وحده : «تنجّيكم» ـ بفتح النون وشدّ الجيم ـ.
وقوله : (تُؤْمِنُونَ) معناه : الأمر ، أي : آمنوا ، قال الأخفش : ولذلك جاء «يغفر» مجزوما ، وفي مصحف ابن مسعود : «آمنوا بالله ورسوله وجاهدوا». وقوله : (ذلِكُمْ) إشارة إلى الجهاد والإيمان ، و (خَيْرٌ) هنا يحتمل أن يكون للتفضيل ، فالمعنى : من كلّ عمل ، ويحتمل أن يكون إخبارا أنّ هذا خير في ذاته ، و (مَساكِنَ) عطف على (جَنَّاتٍ) وطيّب المساكن ، سعتها وجمالها ، وقيل : طيبها المعرفة بدوام أمرها.
(وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (١٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ)(١٤)
وقوله سبحانه : (وَأُخْرى تُحِبُّونَها ...) الآية ، قال الأخفش ، (وَأُخْرى) هي في موضع خفض عطفا على (تِجارَةٍ) ، وهذا قلق ، وقد ردّه الناس ، لأنّ هذه الأخرى ليست ممّا دلّ عليه سبحانه إنما هي مما أعطي ثمنا وجزاء على الإيمان والجهاد بالنفس والمال ، وقال الفرّاء : (وَأُخْرى) في موضع رفع ، وقيل : في موضع نصب بإضمار فعل تقديره : ويدخلكم جنات ويمنحكم أخرى ؛ وهي النصر والفتح القريب ، وقصة عيسى مع بني إسرائيل قد تقدّمت.
وقوله تعالى : (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ) قيل ذلك قبل محمّد ـ عليهالسلام ـ / وبعد فترة من رفع عيسى ؛ ردّ الله الكرّة لمن آمن به فغلبوا الكافرين الذين قتلوا صاحبه الذي ألقي عليه الشبه ، وقيل : المعنى فأصبحوا ظاهرين بالحجة.
__________________
(١) ينظر : القرطبي (١٨ / ٥٧) ، وابن عطية (٥ / ٣٠٤) ، و «البحر المحيط» (٨ / ٢٦٠)