(أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٥) ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللهُ وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٦) زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٧) فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٨) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)(٩)
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)(١٠)
وقوله تعالى : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ) جزم أصله «يأتيكم» والخطاب في هذه الآية لقريش ، ذكّروا بما حلّ بعاد وثمود ، وغيرهم ممن سمعت قريش بأخبارهم ، ووبال الأمر : مكروهه وما يسوء منه.
وقوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُ) إشارة إلى ذوق الوبال ، وباقي الآية بيّن.
وقوله تعالى : (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا) يريد قريشا ، ثم هي بعد تعمّ كلّ كافر بالبعث ، ولا توجد (زعم) مستعملة في فصيح الكلام إلا عبارة عن الكذب ، أو قول انفرد به قائله.
وقوله سبحانه : (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا) هذه الآية دعاء من الله ، وتبليغ وتحذير من يوم القيامة ، والنور القرآن ومعانيه ، ويوم الجمع هو يوم القيامة ، وهو يوم التغابن يغبن فيه المؤمنون الكافرين ، نحا هذا المنحى مجاهد وغيره (١).
(ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١١) وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٢) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)(١٣)
وقوله تعالى : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ) يحتمل أن يريد المصائب التي هي رزايا ، ويحتمل أن يريد جميع الحوادث من خير وشر ، والكلّ بإذن الله ، والإذن هنا عبارة عن العلم والإرادة وتمكين الوقوع.
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ١١٥) ، برقم : (٣٤١٩١) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٣١٩) ، وابن كثير (٤ / ٣٧٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٣٤) ، وعزاه للفريابي ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر عن مجاهد.