خير كلّه ، وقال* ع* : «إنّ المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة قائم اللّيل ، صائم النّهار» وجاء في حسن الخلق آثار كثيرة منعنا من جلبها خشية الإطالة ، وقد روى الترمذيّ عن أبي هريرة قال : «سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما يدخل الناس الجنّة؟ فقال : تقوى الله وحسن الخلق ، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس / النّار؟ فقال : الفم والفرج» (١) ، قال أبو عيسى : هذا حديث صحيح غريب ، انتهى ، وروى الترمذيّ عن أبي الدرداء أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن ، وإنّ الله ليبغض الفاحش البذيّ» (٢) ، قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح ، انتهى ، قال أبو عمر في «التمهيد» : قال الله ـ عزوجل ـ لنبيه صلىاللهعليهوسلم : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) قال المفسرون : كان خلقه ما قال الله سبحانه : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) [الأعراف : ١٩٩] انتهى.
وقوله تعالى : (فَسَتُبْصِرُ) أي : أنت وأمّتك ، (وَيُبْصِرُونَ) أي : هم ، (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) قال الأخفش : والعامل في الجملة المستفهم عنها الإبصار ، وأمّا الباء فقال أبو عبيدة معمر وقتادة : هي زائدة والمعنى : أيكم المفتون (٣) ، قال الثعلبيّ : المفتون المجنون الذي فتنه الشيطان ، انتهى.
(فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (٨) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (٩) وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ)(١١)
وقوله تعالى : (فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ) يعني : قريشا ، وذلك أنهم قالوا في بعض الأوقات للنبي صلىاللهعليهوسلم : لو عبدت آلهتنا وعظّمتها لعبدنا إلهك وعظمناه ، وودّوا أن يداهنهم النبي صلىاللهعليهوسلم ويميل إلى ما قالوا ، فيميلوا هم أيضا إلى قوله ودينه ، والإدهان الملاينة فيما لا
__________________
(١) أخرجه الترمذي (٤ / ٣٦٣) ، كتاب «البر والصلة» باب : ما جاء في حسن الخلق (٢٠٠٤) ، وابن حبان (٦ / ٩٩) ـ الموارد ، (١٩٢٣) ، والحاكم في «المستدرك» (٤ / ٣٢٤) ، وابن ماجه (٢ / ١٤١٨) ، كتاب «الزهد» باب : ذكر الذنوب (٤٢٤٦) ، والبخاري (٨٩) (٢٩٩١) ، وأحمد (٢ / ٣٩٢).
قال الترمذي : هذا حديث صحيح غريب.
وقال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي.
(٢) أخرجه أبو داود (٢ / ٦٦٩) ، كتاب «الأدب» باب : في حسن الخلق (٤٧٩٩) مختصرا ، والترمذي (٤ / ٣٦٢) ، كتاب «البر والصلة» باب : ما جاء في حسن الخلق (٢٠٠٢) ، وأبو نعيم في «الحلية» (٥ / ٢٤٣) مختصرا.
قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.
(٣) ذكره ابن عطية (٥ / ٣٤٦)