والخاطئ الذي يفعل ضدّ الصواب.
(فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (٣٨) وَما لا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ)(٤٠)
وقوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ) قيل : «لا» زائدة وقيل : «لا» ردّ لما تقدّم من أقوال الكفار ، والبدأة : أقسم.
وقوله : (بِما تُبْصِرُونَ* وَما لا تُبْصِرُونَ) قال قتادة : أراد الله تعالى أن يعمّ بهذا القسم جميع مخلوقاته (١) ، والرسول الكريم قيل : هو جبريل ، وقيل : هو نبينا محمّد صلىاللهعليهوسلم.
(وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٣) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ) (٤٤)
وقوله تعالى : (وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ) نفى سبحانه أن يكون القرآن من قول شاعر ؛ كما زعمت قريش ، و (قَلِيلاً) نصب بفعل مضمر يدل عليه (تُؤْمِنُونَ) و «ما» يحتمل أن تكون نافية فينتفي إيمانهم البتّة ، ويحتمل أن تكون مصدرية فيتّصف إيمانهم بالقلة ، ويكون إيمانا لغويّا ؛ لأنهم قد صدّقوا بأشياء يسيرة لا تغني عنهم شيئا ، ثم أخبر سبحانه أن محمّدا* ع* لو تقوّل عليه لعاقبه بما ذكر ، ـ ص ـ : الأقاويل جمع أقوال ، وأقوال جمع قول ، فهو جمع الجمع ، انتهى.
(لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (٤٧) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (٤٩) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ (٥٠) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (٥١) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ)(٥٢)
وقوله سبحانه : (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) قال ابن عبّاس : المعنى لأخذنا منه بالقوّة ، أي لنلنا منه عقابه بقوّة / منا (٢) ، وقيل : معناه لأخذنا بيده اليمنى ؛ على جهة الهوان ، كما يقال لمن يسجن أو يقام لعقوبة : خذوا بيده أو بيمينه ، والوتين نياط القلب ؛ قاله ابن عبّاس ، وهو عرق غليظ تصادفه شفرة الناحر (٣) ، فمعنى الآية : لأذهبنا حياته معجّلا ، والحاجز : المانع والضمير في قوله : (وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ) عائد على القرآن ، وقيل : على النبي صلىاللهعليهوسلم ،
__________________
(١) ذكره البغوي (٤ / ٣٩٠) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٣٦٢)
(٢) ذكره البغوي (٤ / ٣٩٠) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٣٦٣)
(٣) أخرجه الطبري (١٢ / ٢٢٣) ، رقم : (٣٤٨٣٢ ـ ٣٤٨٣٣ ، ٣٤٨٣٤) بنحوه ، والبغوي (٤ / ٣٩١) ، وابن عطية (٥ / ٣٦٣) ، وابن كثير (٤ / ٤١٧) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤١٣) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن عبّاس.