عبّاس (١) وغيره ، فهي لسوادها وانكدار أنوارها ، تشبه ذلك ، والمهل أيضا : ما أذيب من فضّة ونحوها ؛ قاله ابن مسعود وغيره (٢) ، والعهن الصوف ، وقيل : هو الصوف المصبوغ ، أيّ لون كان ، والحميم في هذا الموضع : القريب والوليّ ، والمعنى : ولا يسأله نصرة ولا منفعة ، ولا يجدها عنده ، وقال قتادة : المعنى : ولا يسأله عن حاله ؛ لأنّها ظاهرة قد بصر كلّ أحد حالة الجميع ، وشغل بنفسه (٣) ، قال الفخر (٤) : قوله تعالى : (يُبَصَّرُونَهُمْ) تقول : بصّرني زيد كذا ، وبصّرني بكذا ، فإذا بنيت الفعل للمفعول وحذفت الجارّ ، قلت : بصّرت زيدا ، وهكذا معنى : (يُبَصَّرُونَهُمْ) وكأنّه لما قال : (وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً) قيل : لعله لا يبصره ؛ فقال : (يُبَصَّرُونَهُمْ) ولكن لاشتغالهم بأنفسهم لا يتمكّنون من تساؤلهم ، انتهى ، وقرأ ابن كثير (٥) بخلاف عنه : «ولا يسئل» على بناء الفعل للمفعول ، فالمعنى : ولا يسأل إحضاره ؛ لأنّ كلّ مجرم له سيما يعرف بها ، كما أنّ كلّ مؤمن له سيما خير ، والصاحبة هنا : الزوجة ، والفصيلة هنا : قرابة الرجل.
وقوله تعالى : (كَلَّا إِنَّها لَظى) ردّ لما ودّوه ، أي : ليس الأمر كذلك ، و «لظى» طبقة من طبقات جهنم ، والشوى / جلد الإنسان وقيل : جلد الرأس.
(تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى) يريد الكفار ، قال ابن عبّاس وغيره : تدعوهم بأسمائهم وأسماء آبائهم (٦) ، (وَجَمَعَ) أي جمع المال و (فَأَوْعى) جعله في الأوعية ، أي : جمعوه من غير حلّ ومنعوه من حقوق الله ، وكان عبد الله بن عكيم لا يربط كيسه ، ويقول : سمعت الله تعالى يقول : (وَجَمَعَ فَأَوْعى).
(إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً)(٢١)
وقوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ) عموم لاسم الجنس ، لكنّ الإشارة هنا إلى الكفار ،
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٥ / ٣٦٦) ، وابن كثير (٤ / ٤٢٠) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤١٨) ، وعزاه للطستي عن ابن عبّاس.
(٢) ذكره ابن عطية (٥ / ٣٦٦)
(٣) أخرجه الطبري (١٢ / ٢٢٩) ، رقم : (٣٤٨٧٦) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٥ / ٣٦٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤١٨) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن المنذر.
(٤) ينظر : «الفخر الرازي» (٣٠ / ١١١)
(٥) ينظر : «السبعة» (٦٥٠) ، و «الحجة» (٦ / ٣٢٠) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ٣٩٢) ، و «معاني القراءات» (٣ / ٨٩) ، و «شرح الطيبة» (٦ / ٦٩) ، و «إتحاف» (٢ / ٥٦١)
(٦) ذكره البغوي (٤ / ٣٩٤) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٥ / ٣٦٧)