زرارة بن أوفى عن أبي هريرة قال : يقصر يومئذ على المؤمن حتى يكون كوقت الصلاة (١) ، انتهى ، قال* ع (٢) * : وقد ورد في يوم القيامة أنه كألف سنة ، وهذا يشبه أن يكون في طوائف دون طوائف ، * ت* : قال عبد الحق في «العاقبة» له : اعلم رحمك الله ؛ أن يوم القيامة ليس طوله كما عهدت من طول الأيام ، بل هو آلاف من الأعوام ، يتصرّف فيه هذا الأنام ، على الوجوه والأقدام ، حتّى ينفذ فيهم ما كتب لهم وعليهم من الأحكام ، وليس يكون خلاصه دفعة واحدة ، ولا فراغهم في مرة واحدة ؛ بل يتخلّصون ويفرغون شيئا بعد شيء ، لكنّ طول ذلك اليوم خمسون ألف سنة ، فيفرغون بفراغ اليوم ، ويفرغ اليوم بفراغهم ، فمن الناس من يطول مقامه وحبسه إلى آخر اليوم ، ومنهم من يكون انفصاله في ذلك اليوم في مقدار يوم من أيام الدنيا ، أو في ساعة من ساعاته ، أو في أقلّ من ذلك ، ويكون رائحا في ظلّ كسبه وعرش ربه ، ومنهم من يؤمر به إلى الجنة بغير حساب ولا عذاب ، كما أنّ منهم من يؤمر به إلى النار في أول الأمر من غير وقوف ولا انتظار ، / أو بعد يسير من ذلك ، انتهى.
(فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً (٥) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً (٦) وَنَراهُ قَرِيباً (٧) يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ (٨) وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ (٩) وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً (١٠) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (١٢) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (١٣) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ (١٤) كَلاَّ إِنَّها لَظى (١٥) نَزَّاعَةً لِلشَّوى (١٦) تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (١٧) وَجَمَعَ فَأَوْعى)(١٨)
وقوله سبحانه : (فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً) أمر للنبيّ صلىاللهعليهوسلم بالصبر على أذى قومه ، والصبر الجميل الذي لا يلحقه عيب ولا شكّ ولا قلّة رضى ، ولا غير ذلك ، والأمر بالصبر الجميل محكم في كلّ حالة ، أعني : لا نسخ فيه ، وقيل : إن الآية نزلت قبل الأمر بالقتال ؛ فهي منسوخة ، * ت* : ولو قيل : هذا خطاب لجنس الإنسان في شأن هول ذلك اليوم ؛ ما بعد.
وقوله تعالى : (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً) يعني يوم القيامة ، والمهل : عكر الزّيت ؛ قاله ابن
__________________
ـ قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (١٠ / ٣٤٠) : رواه أحمد وأبو يعلى وإسناده حسن على ضعف في راويه.
(١) أخرجه مسلم (١ / ٣٢٢) ، وأبو داود (٢ / ٦٧٣) ، كتاب «الأدب» باب : في التحلق (٤٨٢٣) ، وأحمد (٥ / ٩٣ ، ١٠١ ، ١٠٧) ، والبيهقي (٣ / ٢٣٤) ، كتاب «الجمعة» باب : من كره التحلق في المسجد.
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٣٦٥)