وقوله تعالى : (قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً) الآية ، هذه المقالة قالها نوح* ع* بعد طول عمره ويأسه من قومه.
(وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ) : معناه : جعلوها أغشية على رؤوسهم.
(يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً)(١٢)
وقوله : (يُرْسِلِ السَّماءَ) الآية ، روي أن قوم نوح كانوا قد أصابتهم قحوط وأزمة فلذلك بدأهم في وعده بأمر المطر ، و (مِدْراراً) من الدّرّ ، وروى ابن عبّاس عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : «من لزم الاستغفار جعل الله له من كلّ ضيق مخرجا ، ومن كلّ همّ فرجا ، ورزقه من حيث لا يحتسب» (١) ؛ رواه أبو داود واللفظ له ، والنسائيّ وابن ماجه ، ولفظ النسائيّ (٢) : «من أكثر من الاستغفار» ، انتهى من «السلاح».
(ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً (١٣) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً (١٤) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً)(١٥)
وقوله : (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً) قال أبو عبيدة وغيره : (تَرْجُونَ) معناه تخافون (٣) ، قالوا : والوقار بمعنى العظمة ، فكأنّ الكلام على هذا التأويل وعيد وتخويف ، وقال بعض العلماء : ترجون على بابها ، وكأنه قال : ما لكم لا تجعلون رجاءكم لله ، و (وَقاراً) يكون على هذا التأويل منهم كأنه يقول : تؤدة منكم وتمكّنا في النظر.
وقوله : (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) قال ابن عبّاس وغيره : هي إشارة إلى التدريج الذي للإنسان في بطن أمه (٤) ، وقال جماعة : هي إشارة إلى العبرة في اختلاف خلق ألوان الناس
__________________
(١) أخرجه أبو داود (١ / ٤٧٦) ، كتاب «الصلاة» باب : في الاستغفار (١٥١٨) ، وابن ماجه (٢ / ١٢٥٤ ، ١٢٥٥) ، كتاب «الأدب» باب : الاستغفار (٣٨١٩) ، والبيهقي (٣ / ٣٥١) ، كتاب «صلاة الاستسقاء» باب : ما يستحب من كثرة الاستغفار في خطبة الاستسقاء ، وأبو نعيم في «الحلية» (٣ / ٢١١) ، والنسائي في «الكبرى» (٦ / ١١٨) ، كتاب «عمل اليوم والليلة» باب : ثواب ذلك (١٠٢٩٠ / ٢) ، والحاكم في «المستدرك» (٤ / ٢٦٢).
قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وتعقبه الذهبي قائلا : الحكم فيه جهالة.
(٢) في د : وابن ماجه.
(٣) ذكره ابن عطية (٥ / ٣٧٤)
(٤) أخرجه الطبري (١٢ / ٢٥١) ، رقم : (٣٥٠١٢) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٥ / ٣٧٤) ، وابن كثير (٤ / ٤٢٥)