الله أحد إلا بلاغا (١) فإنّي إن بلّغت ، رحمني بذلك ، أي : بسبب ذلك.
وقوله تعالى : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ) يريد : بالكفر ، بدليل تأبيد الخلود.
(قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (٢٥) عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (٢٦) إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (٢٧) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً)(٢٨)
وقوله تعالى : (قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ) يعني عذابهم الذي وعدوا به ، والأمد المدّة والغاية.
وقوله تعالى : (إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) معناه فإنه يظهره على ما شاء مما هو قليل من كثير ، [ثم] يبثّ تعالى حول ذلك الملك الرسول حفظة رصدا لإبليس وحزبه من الجن والإنس.
وقوله تعالى : (لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا ...) الآية ، قال ابن جبير : ليعلم محمّد أنّ الملائكة الحفظة الرصد النازلين بين يدي جبريل وخلفه قد أبلغوا رسالات ربّهم (٢) ، وقال مجاهد : معناه ليعلم من كذّب أو أشرك أنّ الرسل قد بلّغت (٣) ، وقيل : المعنى ليعلم الله تعالى رسله مبلّغة خارجة إلى الوجود ، لأنّ علمه بكلّ شيء قد تقدّم ، والضمير في (أَحاطَ) و (أَحْصى) لله سبحانه لا غير.
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٥ / ٣٨٤) ، وذكره أبو حيان (٨ / ٣٤٦)
(٢) ذكره ابن عطية (٥ / ٣٨٥) ، وابن كثير (٤ / ٤٣٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٣٨) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ في «العظمة».
(٣) أخرجه الطبري (١٢ / ٢٧٧) ، رقم : (٣٥١٦٣) بنحوه ، وابن عطية (٥ / ٣٨٥) ، وابن كثير (٤ / ٤٣٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٣٩) ، وعزاه لعبد بن حميد.