من الحديد ، ويروى أنّها قيود سود من النار ، والطّعام ذو الغصّة شجرة الزّقوم ، قاله مجاهد وغيره (١) ، وقال ابن عبّاس : شوك من نار يعترض في حلوقهم (٢) وكلّ مطعوم هنالك فهو ذو غصّة ، وروي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قرأ هذه الآية فصعق (٣) ، والرجفان الاهتزاز والاضطراب من فزع وهول ، و «المهيل» : اللّيّن الرخو الذي يذهب بالرّيح ، وقال البخاريّ : (كَثِيباً مَهِيلاً) رملا سائلا ، انتهى.
(إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً (١٥) فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً (١٦) فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً)(١٧)
وقوله تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ ...) الآية ، خطاب للعالم لكن المواجهون قريش ، و (شاهِداً عَلَيْكُمْ) نحو قوله : (وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) [النساء : ٤١] والوبيل : الشّديد الردى.
وقوله تعالى : (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ) معناه : كيف تجعلون وقاية لأنفسكم ، و (يَوْماً) مفعول ب (تَتَّقُونَ) ، وقيل : هو مفعول ب (كَفَرْتُمْ) ويكون (كَفَرْتُمْ) بمعنى : جحدتم ، ف (تَتَّقُونَ) على هذا من التقوى ، أي : تتقون عذاب الله ، ويجوز أن يكون (يَوْماً) ظرفا والمعنى : تتقون عقاب الله يوما ، وعبارة الثعلبي : (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ) أي كيف تتحصّنون من عذاب يوم يشيب فيه الطفل لهوله إن كفرتم ، ثم ذكر نحو ما تقدم ، انتهى ، وحكى ـ ص ـ : ، عن بعض الناس جواز أن يكون (يَوْماً) ظرفا أي : فكيف لكم بالتقوى في يوم القيامة إن كفرتم في الدنيا ، * ت* : وهذا هو مراد* ع (٤) * ، قال أبو حيان (٥) : و (شِيباً) مفعول ثان ل (يَجْعَلُ) وهو جمع أشيب ، انتهى.
(السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً (١٨) إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً)(١٩)
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٢٨٩) ، رقم : (٣٥٢٦٧) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٣٨٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٤٦) ، وعزاه لعبد بن حميد.
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٢٨٩) ، رقم : (٣٥٢٦٦) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٣٨٩) ، وابن كثير (٤ / ٤٣٧) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٤٦) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن أبي الدنيا ، في صفة النار ، وعبد الله في «زوائد الزهد» ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والحاكم ، وصححه البيهقي في «البعث».
(٣) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٤٦) ، وعزاه إلى أحمد في «الزهد» ، وهناد وعبد بن حميد ، ومحمّد بن نصر عن حمران به.
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٣٨٩)
(٥) ينظر : «البحر المحيط» (٨ / ٣٥٧)