الْقُرْآنِ) هو أمر ندب في قول الجمهور ، وقال جماعة : هو فرض لا بدّ منه ولو خمسين آية ، وقال الحسن وابن سيرين : قيام الليل فرض (١) ولو قدر حلب شاة ، إلا أنّ الحسن قال : من قرأ مائة آية لم يحاجّه القرآن (٢) ؛ واستحسن هذا جماعة من العلماء ؛ قال بعضهم : والركعتان بعد العشاء مع الوتر داخلتان في امتثال هذا الأمر ؛ ومن زاد زاده الله ثوابا ، * ت* : ينبغي للعاقل المبادرة إلى تحصيل الخيرات قبل هجوم صولة الممات ، قال الباجيّ في «سنن الصالحين» له : قالت بنت الربيع بن خثيم لأبيها : يا أبت / ما لي أرى النّاس ينامون وأنت لا تنام ، قال : إنّ أباك يخاف البيات ، قال الباجيّ ـ رحمهالله تعالى ـ : ولي في هذا المعنى : [من الرجز]
قد أفلح القانت في جنح الدّجى |
|
يتلو الكتاب العربيّ النيّرا |
[فقائما وراكعا وساجدا |
|
مبتهلا مستعبرا مستغفرا] (٣) |
له حنين وشهيق وبكا |
|
يبلّ من أدمعه ترب الثّرى |
إنّا لسفر نبتغي نيل الهدى |
|
ففي السّرى بغيتنا لا في الكرا |
من ينصب اللّيل ينل راحته |
|
عند الصباح يحمد القوم السّرى |
انتهى ، والضرب في الأرض هو السّفر للتجارة ابتغاء فضل الله سبحانه ، فذكر الله سبحانه أعذار بني آدم التي هي حائلة بينهم وبين قيام الليل ، ثم كرّر سبحانه الأمر بقراءة ما تيسّر منه تأكيدا ، والصلاة والزكاة هنا هما المفروضتان ، فمن قال : إن القيام من الليل غير واجب ؛ قال : معنى الآية خذوا من هذا النفل بما تيسّر وحافظوا على فرائضكم ، ومن قال : إن شيئا من القيام واجب ؛ قال : قد قرنه الله بالفرائض ؛ لأنه فرض وإقراض الله تعالى هو إسلاف العمل الصالح عنده ، وقرأ جمهور الناس (٤) «هو خيرا» على أن يكون «هو» فصلا ، قال بعض العلماء : الاستغفار بعد الصلاة مستنبط من هذه الآية ، ومن قوله تعالى : (كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ* وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الذاريات : ١٧ ـ ١٨] قال
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٥ / ٣٩٠)
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٢٩٤) ، رقم : (٣٥٣٠١) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٣٩٠ ـ ٣٩١)
(٣) سقط في : د.
(٤) وقرأ محمّد بن السميفع ، وأبو السمال : «هو خير» بالرفع.
ينظر : «مختصر الشواذ» ص : (١٦٤) ، و «المحرر الوجيز» (٥ / ٣٩١) ، و «البحر المحيط» (٨ / ٣٥٩) ، و «الدر المصون» (٦ / ٤١٠)