الجهير ، وذبح الهدي ، و (أَلْفافاً) أي : ملتفّة الأغصان والأوراق ، و (يَوْمَ الْفَصْلِ) هو يوم القيامة ، والأفواج : الجماعات ، يتلو بعضها بعضا ، «وفتحت السماء» بتشديد التّاء قراءة نافع وأبي عمرو وابن كثير وابن عامر ، والباقون دون تشديد (١).
وقوله تعالى : (فَكانَتْ أَبْواباً) قيل معناه : تتشقّق حتى يكون فيها فتوح كالأبواب في الجدرات ، وقيل : إنها تتقطع السماء قطعا صغارا حتى تكون كألواح الأبواب ، والقول الأول أحسن ، وقد قال بعض أهل العلم : تنفتح في السماء أبواب للملائكة من حيث ينزلون ويصعدون.
وقوله تعالى : (فَكانَتْ سَراباً) عبارة عن تلاشيها بعد كونها هباء منبثّا ، و (مِرْصاداً) : موضع الرصد ، وقيل : (مِرْصاداً) بمعنى راصد ، والأحقاب : جمع حقب وهي المدة الطويلة من الدهر غير محدودة ، وقال ابن عبّاس وابن عمر الحقب : ثمانون سنة (٢). وقال أبو أمامة عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه ثلاثون ألف سنة ، وقد أكثر الناس في هذا ، واللازم أنّ الله تعالى أخبر عن الكفار أنهم يلبثون أحقابا ، كلما مرّ حقب جاء غيره إلى غير نهاية ، نجانا الله من سخطه ، قال الحسن : ليس للأحقاب عدّة إلا الخلود في النار (٣).
(لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً (٢٤) إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً (٢٥) جَزاءً وِفاقاً (٢٦) إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً (٢٨) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً (٢٩) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذاباً (٣٠) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً (٣١) حَدائِقَ وَأَعْناباً (٣٢) وَكَواعِبَ أَتْراباً (٣٣) وَكَأْساً دِهاقاً (٣٤) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً (٣٥) جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً (٣٦) رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً)(٣٧)
وقوله سبحانه : (لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً ...) الآية ، قال الجمهور : البرد في الآية مسّ الهواء البارد ، أي : لا يمسّهم منه ما يستلذّ ، وقال أبو عبيدة وغيره : البرد في الآية النوم (٤) ،
__________________
(١) ينظر : «السبعة» (٦٦٨) ، و «الحجة» (٦ / ٣٦٨) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ٤٣١) ، و «معاني القراءات» (٦ / ١١٦) ، و «العنوان» (٢٠٢) ، و «حجة القراءات» (٧٤٥) ، و «إتحاف فضلاء البشر» (٢ / ٥٨٣)
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٤٠٤) (٣٦٠٥٣) عن ابن عبّاس ، وذكره ابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٦٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٠٢) عن أبي هريرة ، وعبد الله بن عمرو ، وابن عبّاس.
(٣) أخرجه الطبري (١٢ / ٤٠٥) (٣٦٠٥٨) ، وذكره البغوي (٤ / ٤٣٨) ، وابن عطية (٥ / ٤٢٦) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٦٤)
(٤) ذكره البغوي (٤ / ٤٣٨) ، وابن عطية (٥ / ٤٢٦) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٦٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٠٣)