والعرب تسمّيه / بذلك لأنّه يبرّد سورة العطش ، وقال ابن عبّاس : البرد الشراب البارد المستلذّ (١) ، وقال قتادة وجماعة : الغسّاق : هو ما يسيل من أجسام أهل النار من صديد ونحوه (٢).
وقوله تعالى : (وِفاقاً) معناه لأعمالهم وكفرهم ، و (لا يَرْجُونَ) قال أبو عبيدة وغيره معناه : لا يخافون ، وقال غيره : الرجاء هنا على بابه (٣) ، و (كِذَّاباً) مصدر ، لغة فصيحة يمانيّة ، وعن ابن عمر قال : ما نزلت في أهل النار آية أشد من قوله تعالى : (فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً) (٤) ورواه أبو هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، والحدائق : هي البساتين عليها حلق وحظائر وجدرات ، في البخاريّ : (وَكَواعِبَ) أي : نواهد ، انتهى ، والدّهاق : المترعة ؛ فيما قال الجمهور ، وقيل : الصافية ، وقال مجاهد : متتابعة (٥) ، وعبارة البخاريّ وقال ابن عبّاس : (دِهاقاً) : ممتلئة ، انتهى (٦) ، و (كِذَّاباً) : مصدر وهو الكذب.
وقوله : (عَطاءً حِساباً) أي : كافيا ؛ قاله الجمهور من قولهم ، أحسبني هذا الأمر ، أي : كفاني ، ومنه حسبي الله ، وقال مجاهد : (حِساباً) معناه : بتقسيط ، فالحساب على هذا بموازنة أعمال القوم ؛ إذ منهم المكثر من الأعمال ، والمقلّ ولكل بحسب عمله (٧).
وقوله تعالى : (لا يَمْلِكُونَ) الضمير للكفار ، أي : لا يملكون من أفضاله وإجماله سبحانه أن يخاطبوه بمعذرة ولا غيرها ؛ وهذا أيضا في موطن خاصّ.
(يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً (٣٨) ذلِكَ الْيَوْمُ
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٥ / ٤٢٧)
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٤٠٦) (٣٦٠٦٩) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٢٧) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٦٤) بنحوه.
(٣) أخرجه الطبري (١٢ / ٤٠٩) (٣٦٠٩٤) عن قتادة ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٢٧)
(٤) أخرجه الطبري (١٢ / ٤١٠) (٣٦٠٩٤) بنحوه عن عبد الله بن عمرو ، وذكره ابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٦٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٠٤) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه عن الحسن بن دينار.
(٥) أخرجه الطبري (١٢ / ٤١٢) (٣٦١٢١) ، وذكره البغوي (٤ / ٤٣٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٦٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٠٥) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن جرير عن مجاهد.
(٦) أخرجه الطبري (١٢ / ٤١١) (٣٦١٠٩) ، وذكره البغوي (٤ / ٤٣٩) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٦٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٠٥) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن ابن عبّاس.
(٧) أخرجه الطبري (١٢ / ٤١٣) (٣٦١٢٦) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٢٨)