الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً (٣٩) إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً)(٤٠)
وقوله تعالى : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ) اختلف في الرّوح المذكور هنا فقال الشعبي والضحاك : هو جبريل ـ عليهالسلام (١) ـ ؛ وقال ابن مسعود : هو ملك عظيم أكبر الملائكة خلقة يسمى الرّوح (٢) ، وقال ابن زيد (٣) : هو القرآن ، وقال مجاهد : الروح خلق على صورة بني آدم يأكلون ويشربون (٤) ، / وقال ابن عبّاس عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «الرّوح خلق غير الملائكة هم حفظة للملائكة ؛ كما الملائكة حفظة لنا» (٥) ، وقيل الرّوح اسم جنس لأرواح بني آدم ، والمعنى : يوم تقوم الأرواح في أجسادها إثر البعث ، ويكون الجميع من الإنس والملائكة صفّا ولا يتكلم أحد منهم هيبة وفزعا إلا من أذن له الرحمن من ملك أو نبي ؛ وكان أهلا أن يقول صوابا في ذلك الموطن ، وقال البخاريّ : (صَواباً) : حقّا في الدنيا وعمل به ، انتهى ، ، وفي قوله : (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً) وعد ووعيد وتحريض ، والعذاب القريب : هو عذاب الآخرة ، إذ كلّ آت قريب ، وقال أبو هريرة وعبد الله بن عمر : إن الله تعالى يحضر البهائم يوم القيامة فيقتصّ لبعضها من بعض ، ثم يقول لها بعد ذلك : كوني ترابا فيعود جميعها ترابا ؛ فعند ذلك يقول الكافر : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) (٦)
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٤١٥) (٣٦١٣٦) (٣٦١٣٧) ، وذكره البغوي (٤ / ٤٤٠) ، وابن عطية (٥ / ٤٢٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٦٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٠٦) ، وعزاه لعبد بن حميد وأبي الشيخ عن الضحاك.
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٤١٥) (٣٦١٣٣) ، (٣٦١٣٤) عن ابن عبّاس بنحوه ، وذكره البغوي (٤ / ٤٤٠) ، وابن عطية (٥ / ٤٢٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٦٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٠٦) ، وعزاه لابن جرير.
(٣) أخرجه الطبري (١٢ / ٤١٦) (٣٦١٤٧) عن ابن زيد عن أبيه ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٢٩) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٦٥)
(٤) أخرجه الطبري (١٢ / ٤١٥) (٣٦١٣٨) ، وذكره البغوي (٤ / ٤٤٠) ، وابن عطية (٥ / ٤٢٩) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٦٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٠٥) ، وعزاه لعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في «الأسماء والصفات» عن مجاهد.
(٥) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٠٥) ، وعزاه لابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ في «العظمة» ، وابن مردويه.
(٦) أخرجه الطبري (١٢ / ٤١٨) عن عبد الله بن عمرو برقم : (٣٦١٦٠) ، وعن أبي هريرة برقم : (٣٦١٦١) بنحوه ، وذكره البغوي (٤ / ٤٤٠) عن عبد الله بن عمرو ، وابن عطية (٥ / ٤٢٩) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٦٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٠٧) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر وابن أبي حاتم ، والبيهقي في «البعث والنشور» عن أبي هريرة.