(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى (١٧)
و (تَزَكَّى) معناه : طهّر نفسه ونماها بالخير ، ومن «الأربعين حديثا» المسندة لأبي بكر محمّد بن الحسين الآجري الإمام المحدث قال في آخرها : وحديث تمام الأربعين حديثا ؛ وهو حديث كبير جامع لكلّ خير ؛ حدّثنا أبو بكر جعفر بن محمّد الفريابيّ إملاء في شهر رجب سنة سبع وتسعين ومائتين ؛ قال : حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى الغسانيّ قال : حدثني أبي عن جدّي عن أبي إدريس الخولانيّ عن أبي ذرّ قال : «دخلت المسجد ، فإذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم جالس ، فجلست إليه فقال : يا أبا ذرّ ، للمسجد تحيّة ، وتحيّته ركعتان ؛ قم فاركعهما ، قال : فلمّا ركعتهما ، جلست إليه ، فقلت : يا رسول الله ، إنّك أمرتني بالصّلاة ، فما الصلاة؟ / قال : خير موضوع ، فاستكثر أو استقلل» الحديث ، وفيه : «قلت :
يا رسول الله ، كم كتابا أنزل الله ـ عزوجل ـ؟ قال : مائة كتاب وأربعة كتب ؛ أنزل الله : على شيث خمسين صحيفة ، وعلى خانوخ ثلاثين صحيفة ، وعلى إبراهيم عشر صحائف ، وأنزل على موسى قبل التّوراة عشر صحائف ، وأنزل التّوراة ، والإنجيل ، والزّبور ، والفرقان ، قال : قلت : يا رسول الله ، ما كانت صحف إبراهيم؟ قال : كانت أمثالا كلّها : أيّها الملك المسلّط المبتلى المغرور ، إنّي لم أبعثك لتجمع الدّنيا بعضها على بعض ، ولكنّي بعثتك لتردّ عنّي دعوة المظلوم ، فإنّي لا أردّها ولو من كافر ، وكان فيها أمثال : وعلى بعثتك لتردّ عنّي دعوة المظلوم ، فإنّي لا أردّها ولو من كافر ، وكان فيها أمثال : وعلى العاقل أن تكون له ساعة يناجي فيها ربّه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يفكّر في صنع الله ـ عزوجل ـ إليه ، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب ، وعلى العاقل ألّا يكون ظاعنا إلّا لثلاث : تزوّد لمعاد ، أو مؤونة لمعاش ، أو لذّة في غير محرّم ، وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه ، مقبلا على شأنه ، حافظا للسانه ، ومن حسب كلامه من عمله ؛ قلّ كلامه إلّا فيما يعنيه ، قال : قلت : يا رسول الله ، فما كانت صحف موسى؟ قال : كانت عبرا كلّها : عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ، وعجبت لمن أيقن بالقدر ، ثمّ هو ينصب ، وعجبت لمن رأى الدّنيا وتقلّبها بأهلها ؛ ثمّ اطمأنّ إليها ، وعجبت لمن أيقن بالحساب غدا ثمّ لا يعمل ، قال : قلت : يا رسول الله ، فهل في أيدينا شيء ممّا كان في أيدي إبراهيم وموسى ؛ ممّا أنزل الله عزوجل عليك؟ قال : نعم ، اقرأ يا أبا ذرّ («قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى* بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) إلى آخر هذه / [السورة ـ يعني : أنّ ذكر هذه الآيات لفي صحف إبراهيم وموسى ـ قال : قلت : يا رسول الله ؛ فأوصني ، قال : أوصيك بتقوى الله ـ عزوجل ـ فإنّه رأس أمرك ، قال : قلت : يا رسول الله ؛ زدني ؛ قال : عليك بتلاوة القرآن وذكر الله ـ عزوجل ـ ؛ فإنّه ذكر لك في السّماء