فصار أحوى ، فهذا صفة (١).
(سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) إِلاَّ ما شاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى)(٧)
وقوله تعالى : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) قال الحسن وقتادة ومالك بن أنس : هذه الآية في معنى قوله تعالى : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ ...) [القيامة : ١٦] الآية ، وعده الله أن يقرئه وأخبره أنه لا ينسى نسيانا لا يكون بعده ذكر (٢) ، وقيل : بل المعنى : أنه أمره تعالى بأن لا ينسى على معنى التّثبيت والتأكيد ، وقال الجنيد : معنى (فَلا تَنْسى) لا تترك العمل / بما تضمّن من أمر ونهي.
وقوله تعالى : (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) قال الحسن وغيره : معناه : مما قضى الله بنسخه ورفع تلاوته وحكمه (٣) ، وقال ابن عبّاس : (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) : أن ينسيكه ؛ ليسنّ به (٤) ؛ على نحو قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «إنّي لأنسى أو أنسّى لأسنّ». قال* ع (٥) * : ونسيان النبيّ صلىاللهعليهوسلم ممتنع فيما أمر بتبليغه ؛ إذ هو معصوم فإذا بلغه ووعى عنه ؛ فالنسيان جائز على أن يتذكّر بعد ذلك ، أو على أن يسنّ ، أو على النسخ.
(وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى (٨) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى (٩) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى (١٠) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى (١٢) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى)(١٣)
وقوله تعالى : (وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى) معناه : نذهب بك نحو الأمور المستحسنة في دنياك وأخراك من النصر والظفر ، ورفعة الرسالة وعلو المنزلة يوم القيامة ، والرفعة في الجنة ، ثم أمره تعالى بالتّذكير ، قال بعض الحذّاق : قوله تعالى : (إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى) اعتراض بين الكلامين على جهة التوبيخ لقريش ، ثم أخبر تعالى أنّه سيذكّر من يخشى الله والدار الآخرة وهم العلماء والمؤمنون ، كلّ بقدر ما وفّق له ، ويتجنّب الذكرى ونفعها من سبقت له الشقاوة.
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٥٤٤) ، (٣٦٩٧٧) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٦٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٥٠٠) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٦٦) ، وعزاه لابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس بنحوه.
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٥٤٥) عن قتادة ، برقم : (٣٦٩٨٢) ، وابن عطية (٥ / ٤٦٩) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٥٠٠) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٥٦٧) ، وعزاه لعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم عن قتادة.
(٣) أخرجه الطبري (١٢ / ٥٤٥) ، (٣٦٩٨١) عن مجاهد ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٦٩)
(٤) ذكره أبو حيان (٨ / ٤٥٣) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٦٩)
(٥) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٤٦٩)