الحسن وغيره (١) ، و (زَكَّاها) أي طهّرها ونمّاها بالخيرات و (دَسَّاها) معناه : أخفاها وحقّرها وصغّر قدرها بالمعاصي والبخل بما يجب وأصل «دسّى» : دسّس ؛ ومنه قول الشاعر : [الطويل]
ودسّست عمرا في التّراب فأصبحت |
|
حلائله منه أرامل ضيّعا (٢) |
* ت* : قال الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي : ومن عيوب النفس الشفقة عليها ، والقيام بتعهّدها وتحصيل مآربها ، ومداواتها الإعراض عنها وقلة الاشتغال بها ، كذلك سمعت جدّي يقول : من كرمت عليه نفسه هان عليه دينه ، انتهى من تأليفه في عيوب النفس ، وروي : أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان إذا قرأ هذه الآية قال : «اللهمّ آت نفسي تقواها ، وزكّها أنت خير من زكّاها ، أنت وليّها ومولاها» (٣) ، قال «صاحب الكلم الفارقيّة والحكم الحقيقيّة» : النفس الزكيّة زينتها نزاهتها ، وعافيتها عفّتها ، وطهارتها ورعها ، وغناها ثقتها بمولاها ؛ وعلمها بأنّه لا ينساها ، انتهى ، ولما ذكر تعالى خيبة من دسّى نفسه ؛ ذكر فرقة فعلت ذلك ليعتبر بهم ، وينتهى / عن مثل فعلهم ، والطّغوى : مصدر وقال ابن عبّاس : الطّغوى هنا العذاب. كذّبوا به حتّى نزل بهم ويؤيده قوله تعالى : (فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ) (٤) [الحاقة : ٥] وقال جمهور من المتأولين : الباء سببية والمعنى : كذّبت ثمود نبيّها بسبب طغيانها ، و (أَشْقاها) : هو قدار بن سالف ، وقد تقدم قصصهم ، * ت* : و (ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها) قيل : نصب بفعل مضمر تقديره احفظوا أو ذروا ، وقال ـ ص ـ : (ناقَةَ اللهِ) الجمهور : بنصب (ناقَةَ) على التحذير أي احذروا ناقة الله ، وهو مما يجب إضمار عامله ، انتهى ، و (فَدَمْدَمَ) معناه أنزل العذاب مقلقلا لهم مكرّرا ذلك ، وهي الدّمدمة ، الثعلبيّ : قال مؤرج : الدمدمة إهلاك باستئصال ، انتهى ، وكذلك قال أبو حيان (٥) ، وقال الهروي : قال الأزهريّ : (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ) أي : أطبق عليهم العذاب ، وقيل
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٦٠٣) عن قتادة ، برقم : (٣٧٣٨٦) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٨٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٥١٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٠١) ، وعزاه لعبد بن حميد عن الحسن.
(٢) البيت لرجل من طي.
ينظر : «اللسان» (دسا) ، «البحر المحيط» (٨ / ٤٧٢) ، و «الدر المصون» (٦ / ٥٣١) ، و «المحرر الوجيز» (٥ / ٤٨٨)
(٣) تقدّم تخريجه.
(٤) أخرجه الطبري (١٢ / ٦٠٥) ، (٣٧٣٩٨) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٨٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٠٢) ، وعزاه لابن جرير عن ابن عبّاس.
(٥) ينظر : «البحر المحيط» (٨ / ٤٧٦)