تجترىء حتى ترى كيف تهلك ، * ت* : والتأويل الأول أظهر ؛ يدل عليه قوله صلىاللهعليهوسلم : «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد» (١) وعن ربيعة بن كعب الأسلميّ قال : كنت أبيت مع النبي صلىاللهعليهوسلم فآتيه بوضوئه وحاجته ، فقال لي : سل ؛ فقلت : أسألك مرافقتك في الجنة ، قال أو غير ذلك؟ قلت : هو ذاك ، قال : فأعنّي على نفسك بكثرة السّجود» (٢) رواه الجماعة إلا البخاريّ ، ولفظ الترمذي : «كنت أبيت عند باب النبيّ صلىاللهعليهوسلم فأعطيه وضوءه ، فأسمعه الهويّ من اللّيل يقول : سمع الله لمن حمده ، وأسمعه الهويّ من اللّيل يقول : الحمد لله ربّ العالمين» (٣) ، قال الترمذيّ : هذا حديث حسن صحيح ، وليس لربيعة في الكتب الستّة سوى هذا الحديث ، انتهى من «السلاح» ، وروي أن أبا جهل جاء والنبيّ صلىاللهعليهوسلم يصلّي ، فهمّ بأن يصل إليه ، ويمنعه من الصلاة ، ثمّ كعّ وولّى ناكصا على عقبيه متّقيا بيديه ، فقيل له : ما هذا؟ فقال : لقد عرض بيني وبينه خندق من نار ، وهول وأجنحة ، فيروى : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «لو دنا منّي لأخذته الملائكة عيانا» (٤) * ت* : ولما لم ينته عدوّ الله أخذه الله يوم بدر ، وأمكن منه ، وذكر الوائليّ الحافظ في كتاب «الإبانة» له من حديث مالك بن مغول عن نافع عن ابن عمر قال : «بينا أنا أسير بجنبات بدر إذ خرج رجل من الأرض في عنقه سلسلة يمسك طرفها أسود ، فقال : يا عبد الله ، اسقني ، فقال ابن عمر : لا أدري أعرف اسمي ، أو كما يقول الرجل : يا عبد الله ، فقال لي الأسود : لا تسقه ؛ فإنّه كافر ، ثمّ اجتذبه ، فدخل الأرض ، قال ابن عمر : فأتيت النبيّ صلىاللهعليهوسلم فأخبرته ، فقال : «أو قد رأيته؟ ذلك عدوّ الله أبو جهل بن هشام ، وهو عذابه إلى يوم القيامة» انتهى من «التّذكرة» للقرطبيّ ، وقد ذكرت هذه الحكاية عن أبي عمر بن عبد البر بأتّم من هذا عند قوله تعالى : (فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً ...) [فصلت : ٢٧] الآية.
__________________
(١) تقدّم تخريجه.
(٢) أخرجه مسلم (٢ / ٣٧٩ ـ ٣٨٠) ـ الأبي ، كتاب «الصلاة» باب : فضل السجود والحث عليه (٢٢٦ / ٤٨٩) ، وأبو داود (١ / ٤٢١) ، كتاب «الصلاة» باب : وقت قيام النبي صلىاللهعليهوسلم من الليل (١٣٢٠) ، والترمذي (٥ / ٤٨٠ ـ ٤٨١) ، كتاب «الدعوات» باب : منه (٣٤١٦) ، والنسائي (٢ / ٢٢٧) ، كتاب «الافتتاح» باب : فضل السجود (١١٣٨) ، وابن ماجه (٢ / ١٢٧٦ ـ ١٢٧٧) ، كتاب «الدعاء» باب : ما يدعو به إذا تنبه من الليل (٣٨٧٩) ، وأحمد (٤ / ٥٩). قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.
(٣) ينظر : الحديث السابق.
(٤) أخرجه مسلم (٤ / ٢١٥٤) ، كتاب «صفات المنافقين وأحكامهم» باب : قوله : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) (٣٨ / ٢٧٩٧)