ويدفع ذلك إلى الملائكة لتمتثله (١) ، قال* ع (٢) * : وليلة القدر مستديرة في أوتار العشر الأواخر من رمضان ؛ هذا هو الصحيح المعوّل عليه ، وهي في الأوتار بحسب الكمال والنقصان في الشهر ، فينبغي لمرتقبها أن يرتقبها من ليلة عشرين في كلّ ليلة إلى آخر الشهر ، وصحّ عن [أبيّ بن] كعب وغيره : أنها ليلة سبع وعشرين (٣) ، ثم أخبر تعالى أن ليلة القدر خير من ألف شهر وهي ثمانون سنة وثلاثة أعوام وثلث عام ، وفي الصحيح عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدّم من ذنبه» (٤) (وَالرُّوحُ) : هو جبريل* ع* وقيل هو صنف حفظة للملائكة ، قال الفخر (٥) : وذكروا في الروح أقوالا : أحدها : أنه ملك عظيم لو التقم السموات والأرض كان ذلك له لقمة واحدة ، وقيل : الرّوح : طائفة من الملائكة لا يراهم الملائكة إلا ليلة القدر ، كالزّهاد الذين لا نراهم إلا يوم العيد ، وقيل : خلق من خلق الله يأكلون [ويشربون] ويلبسون ليسوا من الملائكة ولا من / الإنس ولعلهم خدم أهل الجنّة ، وقيل : الروح أشرف الملائكة ، وقال ابن أبي نجيح ؛ الروح هم الحفظة الكرام الكاتبون والأصح أنّ الروح هاهنا هو جبريل ، وتخصيصه بالذكر لزيادة شرفه ، انتهى.
وقوله تعالى : (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) الثعلبيّ : أي : بكل أمر قدّره الله وقضاه في تلك السنة إلى قابل ؛ قاله ابن عبّاس ، ثم تبتدئ فتقول : (سَلامٌ هِيَ) ويحتمل أن يريد من كل فتنة سلامة ، انتهى ، قال* ع* : وعلى التأويل الأول ، يجيء (سَلامٌ) خبر ابتداء مستأنفا ، أي : سلام هي هذه الليلة إلى أول يومها ، ثم ذكر ما تقدم ، وقال الشعبيّ ومنصور : (سَلامٌ) بمعنى : التّحيّة أي : تسلّم الملائكة على المؤمنين (٦).
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٦٥٢) ، (٣٧٧٠٨) عن الحسن ، وذكره ابن عطية (٥ / ٥٠٤)
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٥٠٥)
(٣) ذكره البغوي (٤ / ٥١١)
(٤) تقدم.
(٥) ينظر : «مفاتيح الغيب» (٣٢ / ٣٣)
(٦) ذكره البغوي (٤ / ٥١٢) ، وابن عطية (٥ / ٥٠٥) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٥٣١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٣٠) ، وعزاه لسعيد بن منصور ، وابن المنذر بنحوه.