لأن الموري هو القادح ، انتهى ، (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً) قال علي وابن مسعود هي : الإبل من مزدلفة إلى منى ، وفي بدر ، وقال ابن عبّاس وجماعة كثيرة : هي الخيل ، واللّفظة من الغارة في سبيل الله وغير ذلك من سير الأمم وعرف الغارات أنّها مع الصباح ، والنقع الغبار الساطع المثار ، والضمير في (بِهِ) ظاهره أنّه للصّبح المذكور ، ويحتمل أن يكون للمكان والموضع الذي يقتضيه المعنى ، ومشهور إثارة النقع هو للخيل ، وقال علي : هو هنا للإبل.
(فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) قال علي وابن مسعود هي : الإبل ، و (جَمْعاً) هي المزدلفة ، وقال ابن عبّاس وجماعة : هي الخيل ، والمراد جمع من الناس هم المغزوّون ، والقسم واقع على قوله : (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) وروي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : «أتدرون ما الكنود؟ قالوا : لا يا رسول الله ، قال : هو الكفور الّذي يأكل وحده ، ويمنع رفده ، ويضرب عبده» ، وقد يكون في المؤمنين الكفور بالنّعمة فتقدير الآية : إنّ الإنسان لنعمة ربّه لكنود ، وأرض كنود : لا تنبت شيئا ، والكنود : العاصي بلغة كندة ، ويقال للبخيل : كنود ، وفي البخاريّ عن مجاهد : الكنود الكفور ، انتهى (١).
(وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨) أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ (٩) وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ (١٠) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ)(١١)
وقوله تعالى : (وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ) يحتمل الضمير أن يعود على الله تعالى ؛ وقاله قتادة (٢) ، ويحتمل أن يعود على الإنسان ؛ أنّه شاهد على نفسه بذلك ؛ وهذا قول مجاهد وغيره (٣).
(وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ) أي : وإنّ الإنسان لحبّ الخير ، والمعنى من أجل حبّ الخير ، (لَشَدِيدٌ) أي : بخيل بالمال ضابط له ، والخير هنا المال ، ويحتمل أن يراد هنا الخير الدنيويّ من مال ، وصحة ، وجاه عند الملوك ، ونحوه ؛ لأنّ الكفار والجهّال لا يعرفون غير ذلك ، وأمّا [الحبّ في خير الآخرة فممدوح ؛ مرجوّ له الفوز ، وقال الفراء : معنى الآية : أنّ
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٦٧٢) ، (٣٧٨٢٩) ، وذكره البغوي (٤ / ٥١٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٥٤٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٥٣) ، وعزاه للفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد ، وذكره البخاري (٨ / ٥٩٩) ، كتاب «التفسير» معلقا.
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٦٧٣) ، (٣٧٨٤٤) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٥١٤) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٥٤٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٥٤) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن جرير عن قتادة.
(٣) ذكره ابن عطية (٥ / ٥١٥) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٥٤٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» ، وعزاه لابن أبي حاتم.