النبيّ صلىاللهعليهوسلم كان إذا أوى إلى فراشه كلّ ليلة جمع كفّيه ، ثمّ نفث فيهما ، فقرأ : «قل هو الله أحد» ، و «قل أعوذ بربّ الفلق» ، و «قل أعوذ بربّ الناس» ثمّ مسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما من رأسه ووجهه ، وما أقبل من جسده ؛ يفعل ذلك ثلاث مرّات ـ صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما (١) ـ.
يقول العبد الفقير إلى الله تعالى : عبد الرحمن بن محمّد بن مخلوف الثّعالبيّ لطف الله به في الدارين : قد يسّر الله عزوجل في إتمام تلخيص هذا المختصر ؛ وقد أودعته بحول الله جزيلا من الدّرر ، قد استوعبت فيه ـ بحمد الله ـ مهمّات ابن عطيّة ، وأسقطت كثيرا من التّكرار ، وما كان من الشواذ في غاية الوهي ، وزدت من غيره جواهر ونفائس لا يستغنى عنها مميزة معزوّة لمحالّها منقولة بألفاظها ، وتوخّيت في جميع ذلك الصدق والصواب ، وإلى الله أرغب في جزيل الثواب ، وقد نبّهت بعض تنبيه ، وعرّفت بأيام رحلتي في طلب العلم بعض تعريف عند ختمي لتفسير سورة الشورى ؛ فلينظر هناك ، والله المسئول أن يجعل هذا السعي منا خالصا لوجهه ، وعملا صالحا يقرّبنا إلى مرضاته ، ومن وجد في هذا الكتاب تصحيفا أو خللا فأرغب إليه أن يصلحه من الأمّهات المنقول منها متثبّتا في ذلك لا برأيه وبديهة عقله : [من الوافر]
فكم من عائب قولا صحيحا |
|
وآفته من الفهم السّقيم |
وكان الفراغ من تأليفه في الخامس عشر من ربيع الأوّل من عام ثلاثة وثلاثين وثمانمائة وأنا أرغب إلى كلّ أخ نظر فيه أن يخلص لي وله بدعوة صالحة ، وهذا الكتاب لا ينبغي أن يخلو عنه متديّن ، ومحبّ لكلام ربّه ، فإنه يطّلع فيه على فهم القرآن أجمع في أقرب مدّة ، وليس الخبر كالعيان ؛ هذا مع ما خصّ به من تحقيق كلام الأئمّة المحقّقين ـ رضي الله عنهم ـ نقلته عنهم بألفاظهم متحرّيا للصّواب ، ومن الله أرتجي حسن المآب ، وصلّى الله على سيّدنا محمّد خاتم النبيّين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
__________________
(١) تقدم تخريجه.