(ج) وعلى موقف الحافظ ابن كثير الحائر بين القولين والمتمثل فى قوله بعد إيراده لروايتى عائشة وابن عباس من البخارى (فالله أعلم) أ. ه.
وأما ما حكى فى هذا المثال من قراءة ابن جبير بالياء يريد آدم كما فسره ابن جنى فى «المحتسب» ، فقد كفانا مئونتها بعدّها من الغريب ، فإنها قراءة بالغة الشذوذ خارجة أتم الخروج عن القرآنية ، فلا يبال بها ولا بما تضمنته من هذا المعنى هنا.
ثم شرع السيوطى بعد هذا فى الحديث عن العام المخصوص وبيان المخصص المتصل منه والمنفصل فقال : «وأما المخصوص فأمثلته فى القرآن كثيرة جدا ، وهو أكثر من المنسوخ ، إذ ما من عام إلا وقد خص ، ثم المخصص له :
إما متصل وإما منفصل ، فالمتصل : خمسة وقعت فى القرآن : أحدها : الاستثناء» (يريد المتصل) وذكر له أمثلة خمسة نختار من بينها آخرها وهو قوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (٧٥).
ثم قال السيوطى : «الثانى : الوصف نحو :
(وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَ) (٧٦) الثالث : الشرط ، نحو (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) (٧٧) ، (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ) (٧٨). الرابع : الغاية وذكر لها أمثلة أربعة آخرها : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ) (٧٩) الآية. والخامس :
بدل البعض من الكل نحو : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (٨٠). ثم قال : والمنفصل آية أخرى فى محل آخر ، أو حديث ، أو إجماع ، أو قياس. ومن أمثلة ما خص بالقرآن قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) (٨١) ، خص بقوله : (إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ) (٨٢) وبقوله : (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) (٨٣). وقوله :
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ) (٨٤) ، خص من الميتة السمك بقوله : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ) (٨٥) ، ومن الدم الجامد بقوله : (أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) (٨٦).