وفى كفارة القتل : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ).
فقال أبو حنيفة : «لا يحمل المطلق على المقيد فى ذلك لاختلاف السبب ، فيبقى المطلق على إطلاقه» ، «وقيل يحمل» عليه «لفظا» أى بمجرد ورود اللفظ المقيد من غير حاجة إلى جامع. وقال الشافعى رضي الله عنه يحمل عليه «قياسا» فلا بد من جامع بينهما ، وهو فى المثال المذكور حرمة سببهما ، أى : الظهار والقتل «وإن اتحد الموجب» فيهما واختلف حكمهما» كما فى قوله تعالى فى التيمم :
(فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) وفى الوضوء (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) والموجب لهما الحدث واختلاف الحكم من مسح المطلق وغسل المقيد بالمرافق واضح «فعلى الخلاف» من أنه لا يحمل المطلق على المقيد ، أو يحمل عليه لفظا أو قياسا وهو الراجح والجامع بينهما فى المثال المذكور اشتراكهما فى سبب حكمهما «والمقيد» فى موضعين «بمتنافيين» وقد أطلق فى موضع كما فى قوله تعالى فى قضاء أيام رمضان : (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) وفى كفارة الظهار (فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ) وفى صوم التمتع (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ) «يستغنى» فيما أطلق فيه «عنهما إن لم يكن أولى بأحدهما من الآخر قياسا» كما فى المثال المذكور بأن يبقى على إطلاقه لامتناع تقييده بهما لتنافيهما ، وبواحد منهما لانتفاء مرجحه فلا يجب فى قضاء رمضان تتابع ولا تفريق ، أما إذا كان أولى بالتقييد بأحدهما من الآخر من حيث القياس كأن وجد الجامع بينه وبين مقيده دون الآخر قيد به بناء على الراجح من أن الحمل قياس ، فإن قيل : لفظى. فلا.
وقول ابن السبكى ـ رحمهالله ـ فى شأن ما اتحد فيه السبب والحكم واختلف المطلق والمقيد نفيا وإثباتا : «فالمطلق مقيد بضد الصفة» علق عليه العلامة الشربينى فقال :
«ظاهره أنه لا نسخ هنا ، وإن تأخر المقيد عن وقت العمل ، والظاهر خلافه ، فلعل معناه : أنه مقيد بضد الصفة ، ثم إن تأخر عن العمل كان نسخا وإلا كان تقييدا» أه.
ثم لا يخفى بعد هذا على فطانة القارئ الكريم أن شأن ما اختلف فيه السبب دون الحكم أو الحكم دون السبب شأن ما اتحدا فيه من حيث تفصيل الإثبات والنفى لكن مع بعض فروق طفيفة تطلب من مراجعة تقريرات العلامة الشربينى فى هذا المقام (١) أه.