من رمضان ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم يومئذ ابن أربعين سنة. ونقل الحافظ ابن حجر عن البيهقى أن مدة الرؤيا كانت ستة أشهر. وعلى هذا فابتداء النبوة بالرؤيا وقع من شهر مولده وهو ربيع الأول بعد إكماله أربعين سنة ، وابتداء وحى اليقظة وقع فى رمضان (٨٧).
* أما عن حكمة بدء الوحى بالرؤيا الصادقة ، فقد ذكر الإمام العينى أن النبى صلىاللهعليهوسلم ابتدأ بها لئلا
يفجأه الملك ، ويأتيه بصريح النبوة ولا تحتملها القوى البشرية ، فبدأ بأول خصال النبوة وتباشير الكرامة من صدق الرؤيا مع سماع الصوت ، وسلام الحجر والشجر عليه بالنبوة ، ورؤية الضوء ، ثم أكمل الله له النبوة بإرسال الملك إليه فى اليقظة وكشف له عن الحقيقة كرامة له (٨٨).
* والوقفة الثانية : عند سر تحبيب الخلوة إليه صلىاللهعليهوسلم فى غار حراء خلال فترة الوحى المنامى وقبل ظهور الملك بالوحى الجلى ، يقول العلماء : إن الخلوة فراغ القلب لما يتوجه له ، ومن ثم : فهى معينة له صلىاللهعليهوسلم على التفكر والتأمل إذ بها ينقطع عن مألوفات البشر ويخشع قلبه ، فإن البشر لا ينتقل عن طبعه إلا بالرياضة البليغة ، ثم إن الخلوة مبعث الصفاء الروحى الذى تستقبل الروح به فيوضات الأنوار الإلهية. وإنما كانت الخلوة والتعبد بجبل حراء بالذات ؛ لأنه كان يرى منه بيت ربه وهذه الرؤية عبادة! (٨٩)
* والوقفة الثالثة : عند حكمة غطّه صلىاللهعليهوسلم ثلاث مرات ، فقد قيل : إنها التهيئة لتلقى الوحى القرآنى ، ليظهر فى ذلك الشدة والاجتهاد فى الأمور ، وإنما تكرر ثلاثا للمبالغة فى التثبت (٩٠).
* والوقفة الرابعة : للجواب عن تساؤل :
من أين علم رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن الجائى إليه هو جبريل ـ عليهالسلام ـ؟ وبما عرف أنه حق لا باطل؟
فقد أجيب عن ذلك : بأن الحق ـ تعالى ـ قد أقام للنبى صلىاللهعليهوسلم دليلا يقينيا على أن الجائى إليه ملك لا شيطان ، كما أقام المعجزة دليلا لنا على صدق الرسول صلىاللهعليهوسلم (٩١).
وأقول أيضا : إن الله تعالى أوجد فى قلب النبى صلىاللهعليهوسلم علما ضروريا بأنه ملك الوحى جبريل ، وهذا العلم مستغنى عن الدليل.
* ثم الوقفة الخامسة : عند قول الملك له صلىاللهعليهوسلم : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) حيث استدل الجمهور على أن سورة (اقرأ) هى أول ما نزل من القرآن الكريم ، وفيها دليل فقهى على وجوب استفتاح القراءة ببسم الله.
عند بعض العلماء كما قال السهيلى ، وإن كان محل خلاف.