* والوقفة السادسة : عند قول ورقة :
(هذا الناموس الذى نزّل الله على موسى) فإن الناموس فى اللغة : هو صاحب سر الخير وهو هنا جبريل عليهالسلام ، وقد سمى به لخصوصه بالوحى والغيب. وإنما خصص بالناموس الذى أنزله الله على موسى عليهالسلام دون غيره من الأنبياء مع أن لكل نبى ناموسا ؛ لأنه أنزل عليه كتاب التوراة الذى هو أكبر كتب الأنبياء قبل القرآن ، بخلاف سائر الأنبياء فإن منهم من نزل عليه صحف ، ومنهم من نبئ بإخبار جبريل ـ عليهالسلام.
* وأما الوقفة السابعة : فهى مع أول من آمن بالوحى المحمدى وبالرسول صلىاللهعليهوسلم ؛ وعايشه مع أول شعاع الإسلام!
إنها السيدة خديجة ـ رضوان الله عليها ـ التى شهد حديث بدء الوحى بكمالها وجزالة رأيها وقوة نفسها ، وعظم فقهها ؛ حيث جمعت للرسول الأعظم صلىاللهعليهوسلم جميع أنواع أصول المكارم وأمهاتها فى وصفها له وهى تهدئ روعه.
وإنه الصدّيق الأعظم سيدنا أبو بكر رضي الله عنه الذى جاء فى السيرة عن عمرو بن شرحبيل أنه دخل على السيدة خديجة إبان بدء الوحى القرآنى فذكرت له ما رآه النبى صلىاللهعليهوسلم قالت له :
«يا عتيق ، اذهب مع محمد إلى ورقة» ـ وذلك فى مرة أخرى غير التى ذهبت فيها معه إلى ورقة ـ وإنه للحبر الجليل ورقة الذى شهد للنبى صلىاللهعليهوسلم بالوحى وبالرسالة ، وقال فيه النبى صلىاللهعليهوسلم ـ فيما روى الحاكم فى «مستدركه» عن السيدة عائشة ـ رضى الله عنها ـ : «لا تسبوا ورقة فإنه كان له جنة أو جنتان».!! (٩٢)
ثم كانت (فترة الوحى) التى صرح بها حديث بدء الوحى فى نهايته ، حيث قال النبى صلىاللهعليهوسلم : «ثم لم ينشب ورقة ـ أى لم يلبث ـ أن توفى وفتر الوحى». فما المقصود بفترة الوحى؟ وما مدتها؟ وما حكمتها؟.
* أما من حيث المعنى اللغوى : فالفترة مرة من الفتور ، وفى مفردات الراغب : الفتور سكون بعد حدة ، ولين بعد شدة ، وضعف بعد قوة (٩٣).
وأما المقصود بفترة الوحى : فقد ذكر العلامة ابن حجر وغيره أنه ليس المراد بفترة الوحى عدم مجىء جبريل إليه ؛ بل تأخر نزول القرآن فقط (٩٤).
* ومن ذلك يعلم : أن فترة الوحى القرآنى لا تعنى إطلاقا انقطاع اتصال النبى صلىاللهعليهوسلم بربه أو بملك الوحى جبريل عليهالسلام ، ولذلك لما تأخر الوحى عن الرسول صلىاللهعليهوسلم وفهم