المشركون من ذلك أن الله ودّعه وقلاه أنزل الله تعالى قوله : (وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) ، وذلك ردا على زعمهم الخاطئ ، وثمة مرويات أخرى تعاضد ذلك فى سبب النزول ، منها ما أخرجه الشيخان عن جندب أنه قال : «قالت امرأة من قريش للنبى صلىاللهعليهوسلم ما أرى شيطانك إلا قد ودعك ، فنزل : (وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى)» (٩٥).
* وأما عن مدة فترة الوحى : فقد قال الحافظ ابن حجر : (وقع فى تاريخ أحمد بن حنبل عن الشعبى : أن مدة فترة الوحى كانت ثلاث سنين ، وبه جزم ابن إسحاق ، ثم قال :
(وليس المراد بفترة الوحى المقدرة بثلاث سنين ـ وهى ما بين نزول (اقرأ) و (يا أيها المدثر) عدم مجىء جبريل إليه ، بل تأخر نزول القرآن فقط) (٩٦).
ثم نقل عن السهيلى أنه قال : (جاء فى بعض الروايات المسندة أن مدة الفترة كانت سنتين ونصفا).
ثم عقب عليه بقوله : (وهذا الذى اعتمده السهيلى من الاحتجاج بمرسل الشعبى لا يثبت ، وقد عارضه ما جاء عن ابن عباس أن مدة الفترة المذكورة كانت أياما) (٩٧) ، وهو يشير بهذا إلى رواية ابن سعد عن الإمام ابن عباس حيث قال : (......... مكث أياما بعد مجىء الوحى لا يرى جبريل) (٩٨).
ثم حسم الحافظ الأمر بقوله ـ عند شرح أحاديث سبب نزول سورة (والضحى) :
(والحق أن الفترة المذكورة فى سبب نزول سورة (والضحى) ـ غير الفترة المذكورة فى ابتداء الوحى ؛ فإن تلك دامت أياما ، وهذه لم تكن إلا ليلتين أو ثلاثا) (٩٩).
* وأما عن حكمة فترة الوحى : فقد ذكر العلماء فيها وجوها عدة :
فمنها : ما ذكره الحافظ ابن حجر : (أن هذه الفترة كانت من مقدمات تأسيس أمر النبوة ، ليتدرج فيه وليمرن عليه ، وقد شق عليه فتوره حيث لم يكن خوطب عن الله بعد :
أنك رسوله ومبعوثه إلى عباده ، فأشفق أن يكون ذلك أمرا بدئ به ثم لم يرد استمراره.
فحزن لذلك ، حتى تدرج على احتمال أعباء النبوة والصبر على ثقل ما يرد عليه ، فتح الله له من أمره بما فتح) (١٠٠).
ومنها : ما ذكره شيخ الإسلام العينى : من أن فتور الوحى مدة إنما كان كذلك ليذهب ما كان ـ عليه الصلاة والسلام ـ وجده من الروع ، وليحصل له التشوق إلى العود).
ومنها كذلك : دلالة قاطعة على أن هذا الوحى من عند الله ـ تعالى ـ وأن التنزيل