للمصحف بدعة لم تعهد فى الصدر الأول.
والصواب ما قاله النووى فى التبيان من استحباب ذلك لما فيه من التعظيم وعدم التهاون به.
ثم قال السيوطى : «فرع» : يستحب تقبيل المصحف ؛ لأن عكرمة بن أبى جهل ـ رضى الله عنه ـ كان يفعله. وبالقياس على تقبيل الحجر الأسود. ذكره بعضهم ؛ ولأنه هدية من الله تعالى ، فشرع تقبيله كما يستحب تقبيل الولد الصغير. وعن أحمد ثلاث روايات :
الجواز ، والاستحباب ، والتوقف ، وإن كان فيه رفعة وإكرام لأنه لا يدخله قياس ، ولهذا قال عمر فى الحجر : لو لا أنى رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقبلك ما قبلتك.
ثم قال السيوطى : «فرع» : يستحب تطييب المصحف ، وجعله على كرسى ، ويحرم توسده ، لأن فيه إذلالا وامتهانا. قال الزركشى : وكذا مد الرجلين إليه. وأخرج ابن أبى داود فى «المصاحف» عن سفيان ، أنه كره أن تعلق المصاحف. وأخرج عن الضحاك ، قال :
لا تتخذوا للحديث كراسى ككراسى المصاحف.
ثم قال السيوطى : (فرع) : يجوز تحليته بالفضة إكراما له على الصحيح ، أخرج البيهقى عن الوليد بن مسلم قال : سألت مالكا عن تفضيض المصاحف. فأخرج إلينا مصحفا فقال : حدثنى أبى عن جدى : أنهم جمعوا القرآن فى عهد عثمان ، وأنهم فضضوا المصاحف على هذا أو نحوه.
وأما بالذهب فالأصح جوازه للمرأة دون الرجل ، وخص بعضهم الجواز بنفس المصحف ، دون غلافه المنفصل عنه ، والأظهر التسوية.
ثم قال السيوطى : (فرع) : إذا احتيج إلى تعطيل بعض أوراق المصحف لبلى ونحوه ، فلا يجوز وضعها فى شق أو غيره ؛ لأنه قد يسقط ويوطأ ، ولا يجوز تمزيقها لما فيه من تقطيع الحروف وتفرقة الكلم ، وفى ذلك إزراء بالمكتوب. كذا قال الحليمى. قال : وله غسلها بالماء ؛ وإن أحرقها بالنار فلا بأس ؛ أحرق عثمان مصاحف كان فيها آيات وقراءات منسوخة ، ولم ينكر عليه. وذكر غيره أن الإحراق أولى من الغسل. لأن الغسالة قد تقع على الأرض. وجزم القاضى حسين فى «تعليقه» بامتناع الإحراق ، لأنه خلاف الاحترام ، والنووى بالكراهة.
وفي بعض كتب الحنفية : أن المصحف إذا بلى لا يحرق ، بل يحفر له فى الأرض ويدفن.
وفيه وقفة لتعرضه للوطء بالأقدام.
ثم قال السيوطى : (فرع) : روى ابن أبى داود عن ابن المسيب ، قال : لا يقول أحدكم :