ومجمله ، بل تجاوزوا حدهم حينما رأيناهم أحيانا يصرفون المعنى المتبادر من ظاهر النص القرآنى ، ليوافق ما جاء فى التوراة.
٦ ـ عدم الخوض فيما استأثر الله ـ تعالى ـ بعلمه ، وعدم التكلف ـ غالبا ـ فى تعيين مبهمات القرآن ، حتى يظل للإسلام نبعه الصافى بعيدا عن الظنون والتخيلات.
٧ ـ سهولة العبارة وبلاغتها ، وعدم استخدام مصطلحات العلوم والفنون ، إلا بقدر الضرورة ، لأن الزج بتلك المصطلحات يصرف الناس عن تدبر القرآن ، والعمل به.
أما عن عيوب هذا الاتجاه فيأتى على رأسها ما يلى :
١ ـ الحرية المطلقة للعقل فى فهم النصوص الشرعية ، فلئن قال الزمخشرى المعتزلى قديما : «امش فى دينك تحت راية السلطان ـ أى العقل ـ ولا تقنع بالرواية عن فلان وفلان». (٩٠) فإن عميد هذا الاتجاه وهو الشيخ محمد عبده حيث يقول عن العقل :
«ومن قاضاك إلى حاكم فقد أذعن إلى سلطته ، فكيف يمكنه بعد ذلك أن يجور أو يثور عليه». (٩١)
ويقول أيضا : «إذا تعارض العقل والنقل أخذ بما دل عليه العقل». (٩٢)
بل إن الشيخ عبد العزيز جاويش أحد أتباع هذا الاتجاه يقول : «إن من الممكن أن تصل العقول البشرية بالبحث والتنقيب والتجارب إلى ما تصبو إليه النفس الإنسانية من مراتب الكمال فى الأحكام والتصورات ، والنظم الاجتماعية ، والمسائل العلمية ، والآداب الخلقية». (٩٣)
لقد نسى هؤلاء أو تناسوا أنه لا تعارض على الإطلاق بين الدين والعقل ، أو بين الدين والعلم ، وإذا كان العقل يستطيع أن يصل إلى قمة التشريع فى كل نواحى الحياة فلما ذا أرسل الله الرسل؟ ولما ذا قال تعالى :
(وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) [الإسراء : ١٥]؟
٢ ـ ونتيجة لهذا الخطأ القاتل وجدناهم يقعون فى خطأ آخر وهو : صرف النصوص الشرعية عن ظواهرها لتتفق مع عقولهم القاصرة ، بما أدى بهم فى النهاية إلى إنكار أشياء ثابتة بالشرع ثبوتا حقيقيا ، ومتواترة باللفظ والمعنى من جيل إلى جيل ، وتذرعوا فى ذلك بالتمثيل والتخييل ، فأنكروا الملائكة ، والجن ، والسحر ، والمعجزات الحسية.
٣ ـ ومن عيوب هذا الاتجاه أيضا : رد الأحاديث الصحيحة ، التى تتعارض مع مبادئهم ، بزعم أنها أحاديث آحاد ، أو باحتمال