الأرض ، وما يصاحب ذلك من تسوية وتمهيد لسطح الأرض ، وشق الفجاج والسبل فيها وتفجير للأنهار والجداول من حجارتها ، وخزن الماء تحت سطح الأرض ، وتكوين التربة والصخور الرسوبية ، وحركات الأمواج فى البحار والمحيطات ، وعمليات المد والجزر ، وغير ذلك من عمليات وظواهر ، تحركها طاقة الشمس بإرادة الله.
(٣) تكوين نطق الحماية المختلفة للأرض بفعل طاقة الشمس ، ذلك أن إرادة الله شاءت أن يحمى الحياة على سطح الأرض بعدد من نطق الحماية التى لعبت أشعة الشمس ـ ولا تزال ـ الدور الأول فى تكوينها بعد إرادة الله ، منها النطاق المغناطيسى للأرض وأحزمة الإشعاع ونطاق الأوزون ، وهذه النطق تتعاون فى حماية الأرض من كل من الأشعة فوق البنفسجية والكونية ، ومن الجسيمات الكونية الدقيقة والكبيرة التى منها النيازك والشهب ، ولو لم تكن هذه النطق موجودة لاستحالت الحياة على الأرض ، وإن وجود هذه النطق صورة من صور التسخير التى لم تكن معروفة فى زمن الوحى بالقرآن الكريم ، ولا بعد قرون متطاولة من تنزيله حتى نهايات القرن العشرين الميلادى.
(٤) تحديد الزمن ، إذ أنه يتحدد كل من الليل والنهار ويوم الأرض وشهورها وفصولها وسنيها بدورة الأرض حول محورها ، وبسبحها فى مدارها حول الشمس ، وبذلك يستطيع الإنسان إدراك الزمن وتحديد الأوقات والتاريخ للأحداث ، فبدورة الأرض حول محورها أمام الشمس يتبادل الليل والنهار ويتحدد يوم الأرض.
وبسبح الأرض فى مدارها حول الشمس بمحور مائل على الأفق تتحدد الفصول المناخية من الربيع والصيف والخريف والشتاء ، كما تتحدد سنة الأرض التى يتقاسمها اثنا عشر شهرا شمسيا تحددها بروج السماء الاثنا عشر المتتابعة» (١٢).
هذا بيان بتفسير سنة الله فى تسخير الشمس ، ثم نعود إلى سورة يس مرة أخرى وننعم النظر فى قوله تعالى : (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ).
يقول ابن كثير فى تفسير هذه الظاهرة الكونية الإلهية : (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ) ؛ أى جعلناه يسير سيرا آخر ـ غير سير الشمس ـ يستدل به على معنى الشهور كما أن الشمس يعرف بها الليل والنهار كما قال عزوجل : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ) ، وقال تعالى : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ). ويمضى