(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ) (٤١٠)
كما أن الحاج يتذكر الجهود التي قام بها إبراهيم وإسماعيل ـ عليهماالسلام ـ وهما يبنيان الكعبة.
(وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). (٤١١)
ويتذكر تصميم إبراهيم على ذبح ابنه اسماعيل امتثالا لرؤياه ، ورضا الابن بذلك :
(فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ : يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ). (٤١٢)
وبذلك تهون عليه التضحية بماله ، فينفقه في سبيل الله ، ويتصدق به على المحتاجين ، وينحر الإبل ويذبح الأضاحي ليطعم الجائعين.
ثم يتذكر سيرة الرسول صلىاللهعليهوسلم في طفولته وشبابه ، حين يزور البقاع التي نشأ فيها ، فيتصف بفضائله ويتخلق بأخلاقه. ويرى الساحات التي وقعت فيه بعض غزواته ، ويتذكر ما عاناه في سبيل الدعوة إلى الإسلام ، فيتمسك بهذا الدين ، ويصبح داعية له ، يضحي بنفسه لنصرته.
وحين يخلع الحاج ثيابه المخيطة ، ويلبس ثوبين غير مخيطين للإحرام ، يتصور نفسه حين يموت ، وتنزع عنه ثيابه ، ويلبس كفنه ، فيزهد في الدنيا ، ويقبل على عبادة ربه.
وحين يسعى بين الصفا والمروة يتذكر أم إسماعيل وهي تبحث عن الماء لتسقيه ، بعد أن كاد الظمأ يقتله ، وكيف صعدت الصفا ونظرت حولها فلم تجد ماء ، ثم سعت إلى المروة ، ونظرت فلم تجد ماء ، فعادت الكرة سبع مرات حتى تفجر الماء تحت قدميه ؛ فيوقن بفضل الله ورحمته ، وأنه لا يتخلى عن عباده المؤمنين ، بل يرعاهم ويكلؤهم بفضله.
وفي يوم عرفة يغدو الحجاج إلى عرفات ليقفوا جميعا على صعيد واحد ، فيتصوروا يوم الحشر حين يقومون للحساب والجزاء ؛ وهذا ما يجعلهم يحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا ، ويقضون بقية عمرهم في الطاعات وفعل الخيرات ويترفعون عن الدنايا ويجتنبون الأذى والإضرار بالناس.