الإنساني وقوانينه ، وهو المعروف بمقدمة ابن خلدون ، وعاد إلى تونس سنة ٧٨٠ ه. ثم انتقل إلى القاهرة ، ودرس في الأزهر ، واتصل بالسلطان برقوق ، فجعله مدرسا للفقه المالكي ، وولاه قضاء المالكية عام ٧٨٦ ه. وعندئذ استدعى أفراد أسرته ، فغرقت بهم السفينة خارج ميناء الإسكندرية ، وحزن كثيرا وأعرض عن الدنيا واستقال من منصبه القضائي ، وانقطع للتدريس والتأليف ، فأتم تاريخه. وذهب للحج عام ٧٨٩ ه ، وتوجه إلى دمشق عام ٨٠٣ ه مع السلطان الناصر لصد تيمور لنك قائد التتر الذي كان قد استولى على حلب ، وقدم إلى دمشق ، وقام مع وفد من العلماء بمفاوضته فأعجب به ، ودعاه للعمل عنده ، فبقي عدة شهور ، وعاد إلى مصر عام ٨٠٤ ه. وبقي فيها حتى وافته المنية في القاهرة عام ٨٠٨ ه ، ١٤٠٦ م وهو مؤسس علم الاجتماع ورائد من رواد العلوم السياسية.
حاول في مقدمته تفسير التاريخ على أساس دراسة الأوضاع الاقتصادية والجغرافية للجماعات البشرية بدوية أو حضرية.
ووضع مبادئ ، واستخلص نتائج ونظريات لم يسبقه إليها أحد من المؤرخين (٢).
٣ ـ إبن سحنون :
هو أبو عبد الله ، محمد بن أبي سعيد سحنون ، واسمه عبد السّلام ابن سعيد بن حبيب التنوخي. ولد بالقيروان سنة ٢٠٢ ه ، وكان أبوه فقيه افريقية بلا مدافع ، فاعتنى بتربيته وتأديبه. وبعد أن أخذ حظه من القرآن والعلوم الضرورية تحول إلى مجالس الدروس العالية. وذهب للحج ٢٣٥ ه. والتقى بعلماء الفسطاط والمدينة المنورة ، وتعرف على الكثير من أئمة العلم ، وشاع ذكره بينهم. ثم عاد إلى القيروان ، وانكب على التأليف والتدريس ، وقصده الطلاب من كل حدب وصوب.
كان إماما بالفقه عالما بالآثار ، ثقة ، وكان كريما سمحا جوادا وجيها. له مؤلفات كثيرة في الفقه والعقيدة والحديث والتاريخ والأعلام. توفي سنة ٢٥٦ (٣)