والجانب اللإرادي من نفسه ، ذلك الجانب الخاضع لسنة الله بدون أن يكون لصاحبه سلطة عليه ، كما يحصل الانسجام بين نفسه وبين الكون الذي يعيش فيه ، وبينها وبين المجتمع الذي ينضم إليه.
٢ ـ والمؤمن يشعر بالاطمئنان نتيجة لإيمانه بأن حياته ورزقه وأموره كلها بيد الله تعالى ، وهو يتلقى منه المبادئ والمثل والشرائع والقوانين.
أما الكافر فهو قلق دائما ، قلق على حياته وعلى رزقه ، وهو لا يعلم لماذا خلق وما مهمته في هذه الحياة ، وما مصيره بعد الموت. وهو يتوجه بالطقوس والشعائر التعبدية إلى جهة ، ويسعى لتحصيل رزقه من جهة ثانية ، ويخاف قوى عديدة بشرية وغيبية على حياته ونفسه ؛ وهو في صراع دائم مع نفسه ومع الناس والطبيعة ، بسبب خروجه على النظام الذي وضعه من نظم الكون ووضع سننا لحياة الإنسان والحيوان والنبات ، ولا يحيد عن هذه السنن أحد إلا ضل وهلك. ولا سعادة للإنسان ولا استقرار للنفس ولا اطمئنان للقلب إلا في الإيمان بالله وعبادته والعمل بشريعته.
٣ ـ والإيمان بإله واحد يؤدي إلى شعور المؤمن بقوته وعزته وكرامته فالمؤمن قوي لأن الله يحب الأقوياء ، ولأنه يستمد من قوة القوي العزيز ، ويتوكل على العلي الكبير.
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير. احرص على ما ينفعك واستعن باله ولا تعجزه» (٨٧)
وعند ما يخاف الناس ، وتظهر عليهم علامات الجبن والذعر ، فإن المؤمنين يثبتون ، وتظهر عليهم علامات القوة والجرأة. فحين جبن قوم موسى ـ عليهالسلام ـ عن دخول الأرض المقدسة.
(قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٨٨)
فهما يخافان الله ، فلا يخافان أحدا سواه ، ويتوكلان عليه ، فلا ترهبهما قوة في الوجود.
وحين تلقى أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم رسالة الكافرين بأنهم حشدوا الجيوش للقضاء عليهم ازدادوا إيمانا وثباتا بتوكلهم على الله :
(الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ (٨٩) وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) (٩٠)