(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). (٩٨)
فقد كان الناس يفتخرون بأنسابهم ، فتبين أنهم جميعا ينتسبون إلى أبيهم آدم عليهالسلام ، وكانوا يتمايزون بأجناسهم وقبائلهم وألوانهم ، فتبين أنهم عند الله متساوون ، وكان بعضهم يزعم أنه خلق من رأس الإله ، وأن الآخرين خلقوا من قدميه فتبين بطلان هذا الادعاء وكانوا منقسمين إلى طبقات يعلو بعضها فوق بعض ، فتبين أن أصلحهم وأتقاهم هو أفضلهم عند الله.
وحين يخضع الناس لشريعة الإسلام تتحقق فيهم المساواة بأوسع معانيها. ولا توجد المساواة في مجتمع يتلقى تشريعاته من الكهان أو من رؤساء العشائر والحكام فذلك يجعل بعض الناس عبيدا لبعضهم الآخر. وعقيدة التوحيد تقضي بخضوع الناس جميعا لشريعة الله :
(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ). (٩٩)
والمساواة تعني بالدرجة الأولى تكافؤ الفرص في العلم والعمل وهذا ما يجعل كل فرد يقوم بواجبه ، ويحصل على حقه ، ويجعل المجتمع في أعلى الدرجات.
وأما العدالة : فهي الغاية من بعثة الرسل وإنزال الكتب وما تضمنته من مبادئ وقيم. وقد أمر الله بالعدل. ونهى عن التحيز إلى جانب الذين نحبهم أو ضد الذين نكرههم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ (١٠٠) شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا (١٠١) أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً). (١٠٢)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ (١٠٣) عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ). (١٠٤)
والإيمان بالله يؤدي إلى تقويم السلوك وتهذيب النفس ، لأن المؤمن يعلم أن الله مطلع على عمله ، عالم بما يجول في نفسه ، وأنه مجزي على فعله :