بالسيف ، والآخر : أنه الأسير المسلم إذا خرج من دار الحرب لطلب الفدية والثالث أنه المملوك الرابع أنه المسجون الخامس أنه المرأة لقوله (١) صلىاللهعليهوسلم : استوصوا بالنساء خيرا لأنهن عوان عندكم وهذا بعيد والأول أرجح ؛ لأنه روي أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يؤتى بالأسير المشرك فيدفعه إلى بعض المسلمين ويقول له : أحسن إليه (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ) عبارة عن الإخلاص لله ، ولذلك فسروه وأكدوه بقولهم : لا نريد منكم جزاء ولا شكورا والشكور مصدر كالشكر ويحتمل أنهم قالوا هذا الكلام بألسنتهم ، أو قالوا في نفوسهم ، فهو عبارة عن النية والقصد (يَوْماً عَبُوساً) وصف اليوم بالعبوس مجاز على وجهين : أحدهما أن يوصف اليوم بصفة أهله كقولهم : نهاره صائم وليله قائم. وروي أن الكافر يعبس يومئذ حتى يسيل الدم من عينيه مثل القطران والآخر يشبّه في شدّته بالأسد العبوس (قَمْطَرِيراً) قال ابن عباس : معناه طويل وقيل : شديد. (وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً) النضرة : التنعم. وهذا في مقابلة عبوس الكافر. وقوله : وقاهم ولقاهم من أدوات البيان (بِما صَبَرُوا) أي بصبرهم على الجوع وإيثار غيرهم على أنفسهم ، حسبما ذكرنا من قصة علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ، وقد ذكرنا الأرائك (٢) (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً) عبارة عن اعتدال هوائها أي ليس فيها حر ولا برد ، والزمهرير هو البرد الشديد ، وقيل : هو القمر بلغة طيء ، والمعنى على هذا أن للجنة ضياء فلا يحتاج فيها إلى شمس ولا قمر (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها) معناه أن ظلال الأشجار متدلية عليهم قريبة منهم ، وإعراب دانية معطوف على متكئين ، وقال الزمخشري : هو معطوف على الجملة التي قبلها وهي : لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ، لأن هذه الجملة في حكم المفرد تقديره : غير رائين فيها شمسا ولا زمهريرا ودانية ، ودخلت الواو للدلالة على أن الأمرين يجتمعان لهم ، أي جامعين بين البعد عن الحر والبرد وبين دنو الظلال ، وقيل : هو صفة لجنة عطف بالواو كقولك : فلان عالم وصالح. وقيل : هو معطوف عليها أي وجنة أخرى دانية عليهم ظلالها (وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً) القطوف جمع قطف وهو العنقود من النخل والعنب ، وشبه ذلك ، وتذليلها هو أن تتدلى إلى الأرض ، وروي أن أهل الجنة يقطعون الفواكه على أي حال كانوا من قيام أو جلوس أو اضطجاع ، لأنها تتدلى لهم كما يريدون ، وهذه الجملة في موضع الحال من دانية ، أي دانية في حال تذليل قطوفها أو معطوفة عليها.
(بِآنِيَةٍ) هي جمع إناء ووزنها أفعلة وقد ذكرنا الأكواب في الواقعة (قَوارِيرَا) القوارير هي الزجاج ، فإن قيل : كيف يتفق أنها زجاج مع قوله من فضة؟ فالجواب : أن
__________________
(١). الحديث متفق عليه عن أبي هريرة والترمذي عن عمرو بن الأحوص ، وهو من خطبة حجة الوداع.
(٢). سبق ورودها في الكهف : ٣١ ويس : ٥٦.