سورة الحاقة
مكية وآياتها ٥٢ نزلت بعد الملك
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(الْحَاقَّةُ) هي القيامة ، ووزنها فاعلة وسميت الحاقة لأنها تحق ، أي يصح وجودها ، ولا ريب في وقوعها ولأنها حقت لكل أحد جزاء عمله ، أو لأنها تبدئ حقائق الأمور (مَا الْحَاقَّةُ) ما استفهامية يراد بها التعظيم ، وهي مبتدأ وخبرها ما بعده والجملة خبر الحاقة ، وكان الأصل الحاقة ما هي ، ثم وضع الظاهر موضع المضمر زيادة في التعظيم والتهويل ، وكذلك ، وما أدراك ما الحاقة لفظه استفهام والمراد به التعظيم والتهويل (بِالْقارِعَةِ) هي القيامة سميت بذلك ؛ لأنها تقرع القلوب بأهوالها (بِالطَّاغِيَةِ) يعني الصيحة التي أخذت ثمود ، وسميت بذلك لأنها جاوزت الحدّ في الشدة ، وقيل : الطاغية مصدر فكأنه قال : أهلكوا بطغيانهم ، فهو كقوله : كذبت ثمود بطغواها وقيل : هي صفة لمحذوف تقديره أهلكوا بسبب الفعلة الطاغية ، أو الفئة الطاغية والباء ، على هذين القولين سببية. وعلى القول الأول كقولك : قتلت زيدا بالسيف (بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ) ذكر في فصلت [١٦] ، وعاتية أي شديدة. وسميت بذلك لأنها عتت على عاد ، وقيل : عتت على خزانها ، فخرجت بغير إذنهم (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ) روي أنها بدت صبيحة يوم الأربعاء لثمان بقين من شوال ، وتمادت بهم إلى آخر يوم الأربعاء تكملة الشهر (حُسُوماً) قال ابن عباس : معناه كاملة متتابعة لم يتخللها غير ذلك ، وقيل : معناه شؤما وقيل : هو جمع حاسم من الحسم. وهو القطع أي قطعتهم بالإهلاك ، فحسوما على القول الأول والثاني مصدر في موضع الحال ، وعلى الثالث حال أو مفعول من أجله (فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى) جمع صريع وهو المطروح بالأرض ، والضمير المجرور يعود على منازلهم ، لأن المعنى يقتضيها وإن لم يتقدم ذكرها ، أو على الأيام والليالي ، أو على الريح (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ) تقدم في القمر معنى تشبيههم بأعجاز النخل ، والخاوية هي التي خلت من طول بلائها